تلقيت هذا السؤال من عدة أشخاص، وبما أنني لا أملك كرة بلورية لاستقراء المستقبل، فالأقرب أن أحاول أن أقارن ذلك التأثير المحتمل مع تجربة سابقة لدولة أخرى، حتى نفهم ماذا سيحدث. عندما وُضعت هذه العقوبات على إيران، حدث تضخم وبؤس شديد وعانت البلاد أزمة حادة في عملتها، ولكنها عادت واستقرت نوعاً ما بعد انكماش حاد في اقتصادها، ولكن هل هذه المقارنة تعطينا قراءة صحيحة لما سيؤول إليه الوضع في روسيا؟ هل نستطيع القول إن روسيا، كما إيران، ستتعثر وتمر بمعدلات نمو منخفضة، وربما سلبية لبعض الوقت ومن ثم تعود إلى درجة من الاستقرار؟
المقارنة هذه ليست متكافئة بحكم أن اقتصاد روسيا يختلف عن اقتصاد الجمهورية الإسلامية. أولها أن الاقتصاد الروسي له قاعدة أكبر بكثير من اقتصاد إيران، فقاعدة التصدير الروسية أوسع نطاقاً وأكثر تنوعاً. روسيا دولة ذات دور مهم ورائد عالمي في توفير مجموعة من السلع الرئيسية المتنوعة، فهي ليست فقط الأولى عالمياً في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، ولا كونها ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بل تنتج ثلث القمح العالمي، و6% من إنتاج الألومنيوم، و7% من القصدير وربع إمدادات النحاس العالمي، ناهيك عن الذهب وغيره، فعزلة روسيا ليست كعزلة إيران، لأنه سيكون لها تداعيات على الاقتصاد العالمي.
ثانياً تلك العقوبات الخانقة التي استهدفت إيران تم تبنيها على مدى 10 سنوات، بينما العقوبات التي تم تبنيها ضد روسيا فتم تطبيقها في 10 أيام فقط، منذ أن دخلت أوكرانيا. تجاوز عدد العقوبات على روسيا كل تلك المفروضة على إيران وفنزويلا وميانمار وكوبا دولا مجتمعة. عدد العقوبات التي فرضت على الدولة الروسية والأفراد هي 5356 عقوبة، وتم فرضها في أسبوعين، بسبب الكم الهائل والسرعة الفائقة في التطبيق حدث تدمير هائل، وهو أمر لم تمر به إيران.
على سبيل المثال، سهم سبيربنك، أكبر بنك في روسيا وهو متداول في سوق لندن كانت قيمة السهم قبل 24 فبراير 14 دولاراً، وانخفض بعد العقوبات إلى1 سنت فقط.
الخلاصة أن هذه العقوبات بالتأكيد مدمرة وتستطيع أن تشل الاقتصاد وتفلس الشركات وتحرق مدخرات الملايين من الشعب الروسي، وبوتين أدرك ذلك عندما قال إن هذه العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «أشبه بإعلان الحرب».