نقلت وكالات الأنباء منذ أيام إدراج دولة الإمارات على قائمة مجموعة العمل المالية (FATF) الرمادية، الخبر غير جيد.. إذ إن المجموعة هيئة حكومية دولية انبثقت عن مجموعة الثماني (G8) في 1989، وتعمل على تعزيز سلامة النظام المالي الدولي، وتوصياتها بمثابة معيار دولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
المجموعة تراقب التقدم الذي يحرزه أعضاؤها في تنفيذ الإجراءات اللازمة، وتراجع أساليب غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتدابير المضادة، وتحدد مناطق الاختصاص التي تعاني من أوجه قصور في تقديرها، ويتم تبيان ذلك في مستندين عامين يتم إصدارهما 3 مرات سنوياً.
الإدراج ليس بالسوداوية التي سعى البعض لأن يصورها على ذلك، فنحن نتحدث هنا عن القائمة الرمادية، التي توجد بها 24 دولة، لا القائمة السوداء، والقائمة الرمادية لا تنبئ بعمل ممنهج لخرق الإجراءات والتدابير، وإنما الحاجة لبعض التحسينات ورفع الكفاءة، علماً بأن تقرير التقييم للمجموعة الذي نُشر في أبريل 2020 سلّط الضوء على كيفية اتخاذ الإمارات خطوات مهمة لمكافحة تمويل الإرهاب.
ربما تكون الرقابة المالية أسهل بكثير في الدول الإقليمية الأخرى، لكنه أصعب في دولة تشكل مركزاً تجارياً عالمياً جاذباً ومواكباً لأحدث مستجدات النمو والتطور، دولة تشكل المستقطب الأول للاستثمار الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسنوات عدة، دولة تفتح ذراعيها لما يقرب من 200 جنسية أفراداً وشركات، ما تنتج عنه حركة أكثف بكثير للأموال.
إبراز هذه الصعوبة ليس تبريراً لأي قصور أو تنصل من مسؤولية ما، إنما هي إذعان للواقع الذي يتوجب للدولة التعامل معه، وتحديد للتحديات التي تستهدف تخطيها، حيث إنها أكدت في بيان رسمي أخذ دورها في حماية سلامة النظام المالي العالمي بجدية بالغة، وعملها بشكل وثيق مع FATF لمعالجة المجالات التي تحتاج إلى التحسين بأسرع وقت ممكن.
وعن التبعات، رجحت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية ألاّ يكون للإدراج تأثير كبير على منظومة الإمارات المالية، وخلصت لأن «الإدراج يعني أن الدولة قد التزمت بسرعة لإيجاد حلول سريعة لأوجه قصور في أنظمتها لمكافحة الأنشطة المالية غير المشروعة على أراضيها، ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها، وأنها ستخضع لمراقبة أوثق من FATF.
الخلاصة أن الإمارات ماضية في تحسين أنظمتها على كل الأصعدة، ومن ضمن ذلك نظامها المالي الذي يشكل عصب اقتصادها، سواء كانت تلك التحسينات متطلباً عالمياً أم لم تكن، وأنا على يقين برفعها من القائمة الرمادية في المراجعة المقبلة.