لم يفجر الحريق الذي اندلع قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، الجمعة، لحسن الحظ، أياً من مفاعلاتها، لكنه فجر حقائق أكثر رعباً وأوسع نطاقاً، من حدود منطقة الصراع.
نهاية القارة العجوز
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي اتهم موسكو باللجوء إلى «الرعب النووي» والسعي «لتكرار» كارثة تشيرنوبل 1986، بقصفها المحطة النووية، قال إنه «إذا حدث انفجار، فستكون نهاية كلّ شيء، ستكون نهاية أوروبا، سيتمّ إخلاء أوروبا». أما وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا فقال إن أي انفجار من هذا النوع سيؤدي إلى «كارثة نووية تفوق بـ10 أضعاف كارثة تشيرنوبل».
تشيرنوبل.. مدينة الأشباح
وقعت كارثة تشيرنوبل، في المدينة الأوكرانية التي تحولت فيما بعد إلى «مدينة أشباح» بعدما عانى فيها مئات الآلاف عواقب وعشرات الآلاف تمّ إجلاؤهم، نتيجة لحادث انفجار بخار، نتج عنه إزالة غطاء المفاعل. لكن في حريق زابوريجيا، إذا ما صحت الرواية الأوكرانية، فهي «المرة الأولى في تاريخ البشرية»، التي تلجأ فيها دولة إلى استهداف موقع نووي بقصد إرهاب العالم ودب الذعر بين أوصاله.
الجدير بالذكر أن كارثة تشيرنوبل تعد -إلى الآن- أسوأ حادث نووي في تاريخ البشرية، إذ تسببت في تلويت ثلاثة أرباع أوروبا تقريباً، وإجلاء نحو 350 ألف شخص من محيط 30 كم حول المحطة التي لا تزال منطقة محظورة، فيما لا تزال حصيلة الخسائر البشرية لهذه الكارثة موضع جدل حتى اللحظة.
ولدى أوكرانيا 5 محطات نووية، 4 منها في الخدمة، فيما حُظر العمل في المحطة الخامسة «تشيرنوبل» بعد الكارثة. وتضم الأربع محطات المتبقية إجمالاً 15 مفاعلاً نووياً في الخدمة. «المفاعل» هو قلب «المحطة» النووية. وهو عبارة عن وعاء خاص يتم تعبئته بالوقود النووي، حيث يتم تفاعلٌ متسلسلٌ مسيطر عليه.
- محطة زابوريجيا: تضم 6 مفاعلات نووية في الخدمة
- محطة تشيرنوبل: تضم 4 مفاعلات خارج الخدمة
- محطة ريفين: 4 مفاعلات في الخدمة
- محطة خميلنيتسكي: 2 مفاعل نووي في الخدمة
- محطة جنوب أوكرانيا: تضم 3 مفاعلات نووية في الخدمة
ماذا تعرف عن زابوريجيا؟
محطة زابوريجيا هي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا من حيث السعة الإنتاجية، وواحدة من أكبر 10 محطات على مستوى العالم. وهي إحدى 4 محطات طاقة نووية عاملة في البلاد. بنيت بين عامي 1984- 1995، وبدأ البناء عندما كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق. أما الآن، فتملكها وتديرها شركة توليد الطاقة النووية الوطنية الأوكرانية. لكنها تعتبر ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، نظراً لكونها لا تبعد سوى 200 كم عن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014.ويقول تقرير لصحيفة «جارديان» البريطانية إن هذه المحطة تنتج في الأوقات العادية خُمس الكهرباء في أوكرانيا، وما يقرب من نصف الطاقة، التي تولدها منشآت الطاقة النووية في البلاد.
أخبار مطمئنة
ونقل التقرير عن محللين قولهم إن محطة زابوريجيا «مختلفة وأكثر أماناً عن محطة تشيرنوبيل». وشرح توني إروين، الأستاذ المساعد الفخري في الجامعة الوطنية الأسترالية، أن فرص حدوث انفجار أو انصهار نووي أو إطلاق إشعاعي منخفضة. وأضاف إروين، الذي عمل في محطات الطاقة النووية البريطانية طوال 30 عاماً، وهو مدير سابق للمفاعل النووي الوحيد في أستراليا، أن المفاعلات الست في زابوريجيا أكثر أماناً من مفاعلات تشيرنوبيل، ولا يبدو أنها تضررت بعد. وأشار إلى أن المفاعلات تحتوي على خرسانة كبيرة، وأنظمة حماية مدمجة من الحرائق.
ونقلت «جارديان» عن إروين قوله «صحيح أنها ليست فكرة جيدة أن تبدأ بإطلاق صواريخ ضخمة على المفاعلات»، لكن «مفاعل الماء المضغوط يعد أكثر أماناً من المفاعلات الأخرى. لأن تصميمه يحتوي على دائرتين. فالماء الذي يحافظ على برودة المفاعل، موجود في دائرة منفصلة عن الدائرة الثانية، التي تزود التوربين والخارج بالطاقة».
كما تحتوي هذه المفاعلات على أنظمة تبريد احتياطية في حالات الطوارئ أيضاً، إضافة إلى تبريد المفاعل العادي، لديهم نظام سلبي، ولديهم أنظمة حقن عالية الضغط، ولديهم أنظمة حقن ذات ضغط منخفض، بحسب إروين.