صباح 24 فبراير 2022، استيقظ ملايين المستثمرين على أنباء الغزو الروسي لأوكرانيا. أتخيل آلاف المستثمرين اطلعوا على هواتفهم ليتفاجؤوا بأخبار الحرب وبدأت عمليات البيع. واكتست كل مؤشرات الأسواق المالية والعملات الرقمية في العالم باللون الأحمر.
وعلى الرغم من كل العواقب الاقتصادية التي قد تنتج عن أكبر تهديد عسكري لأوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن أسواق العملات الرقمية هبطت بنسب ضعيفة نسبياً مقارنة بنسب تأثرها بالتزامن مع أحداث أقل أهمية وخطورة.
حتى كتابة هذه السطور، انخفض سعر بتكوين إلى 35.360 دولار أمريكي بنسبة تقدر 4.8% وفي المقابل انخفض مؤشر ناسداك إلى 13225 دولاراً أمريكياً بنسبة تقدر بـ3.4%، فعلى الرغم من الهبوط ولكنه ليس هبوطاً كارثياً.. لنضع الأمور في نصابها الصحيح، ولننظر إلى أحداث ماضية وكيف تفاعلت معها الأسواق.
أبرز مثال، في مارس 2020، في أعقاب الإعلان عن تحول كوفيد_19 إلى جائحة وما ترتب عليه من إجراءات احترازية تسببت في شلل الحياة في معظم دول العالم. في ذلك اليوم هبط سعر بتكوين بنسبة تقدر بـ61% وفي المقابل هبط مؤشر ناسداك بنسبة تقدر بـ31%.
قد تتعجب كيف يحدث ذلك خاصة إن كانت للأزمة مقدمات واضحة، لماذا لم يتخذ المستثمر قراراً بالبيع قبل الأزمة على سبيل المثال؟ والإجابة أن أغلب المستثمرين مدفوعون بالأمل بأن الوضع سيتحسن، ومع حدوث الأزمة ومع استمرار تداعياتها لأيام وتعاظم الخسائر، يفقد نسبة كبيرة من المستثمرين الأمل ليقرروا بيع ما يمتلكون من أسهم وعملات رقمية خوفاً من خسارة أكبر. ثم تحدث الانفراجة وتبدأ الأسواق في التعافي ويصبح ذلك المستثمر ضحية الأمل والخوف، وعلى الأغلب يتخلون عن الاستثمار في الأسواق المالية بعد تلك اللحظة ويوجهون لومهم لتقلبات الأسعار.
على الرغم من وضوح المقدمات، ولكن غاب عن تلك الفئة من المستثمرين وجود استراتيجية استثمار وتداول واضحة تضع في الحسبان التقلبات السياسية والاقتصادية، لأن الاستثمار ليس مجرد أموال تدفع وتنسى للتحول لذهب، ولكنها لعبة احتمالات وسيناريوهات متعددة تبني عليها وقرارات مدروسة تتخذ قبل الأزمة وتنفذ عند حدوثها. لا قرارات عشوائية ولا اندفاع عاطفي.
خلال الستة أشهر التالية لمارس 2020، ارتفع سعر بتكوين بنسبة تقارب 200% بينما ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 81%، في تلك الفترة تمكن آلاف المستثمرين من صناعة ثروات.