قبل عام كتبت مقالاً عن السيارات الكهربائية وكيف أنها ليست الحل الوحيد لمشاكل البيئة، هي لا شك جزء من الحل لكن علينا ألا ننسى أن السيارة بحد ذاتها مشكلة تحتاج لحل سواء كانت سيارة كهربائية أو تعمل بمحرك احتراق داخلي، كلاهما مشكلة، السيارة الكهربائية تحل مشكلة محرك الاحتراق الداخلي ولا تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يساهم في الاحتباس الحراري، لكن العادم ليس مصدر التلوث الوحيد للسيارة، المكابح مصدر آخر والإطارات.
السيارة الكهربائية تضيف مشكلة البطارية التي سيتراجع أداؤها بعد سنوات وستحتاج لتبديل فماذا سيحدث للبطارية القديمة؟ جهود إعادة تدوير المواد على اختلافها خلال العقود الماضية غير مشجعة، إذ لا يعاد تدوير معظم البلاستيك المنتج عالمياً ويصل معظمه لمكبات النفايات وكذلك الحال مع مواد أخرى، فكيف بالبطاريات؟ ليس هناك ما يشير إلى وجود مشاريع إعادة تدوير البطاريات تضمن أن البطاريات كلها سيعاد تدويرها.
كذلك البطاريات تحتاج إلى مادة الليثيوم والكوبالت وتعدين هذه المواد له ضرر بيئي لا يراه المستهلك الذي يستخدم الهواتف الذكية والعديد من الأجهزة الإلكترونية التي تستخدم هذه المواد، وقد يرى البعض أن هذا الأثر البيئي له ما يبرره بسبب الأثر الإيجابي لاستخدام السيارات الكهربائية، لكن ماذا عن الناس الذين يعيشون حول مناجم هذه المواد ورأوا المناجم تلوث البيئة التي عاشوا فيها منذ عقود، لا يمكن أن نتجاهل هؤلاء.
قبل السيارات الكهربائية المدن بحاجة لأن تتغير لكي تقلل من الاعتماد على السيارات، بمعنى آخر أن تصبح مدناً للناس قبل أن تكون للسيارات وهذا يعني رفع قابلية المشي فيها، بأن تصبح الأماكن المهمة للفرد والعائلة قريبة فلا يحتاج الناس للسيارات لقضاء حوائجهم اليومية، بل أن يمشي الفرد للمتجر والمقهى والمكتبة أو حتى للعمل إن أمكن ذلك، وإن كان المكان بعيداً فهناك خيارات نقل مختلفة تبدأ من الدراجة الهوائية ثم الدراجة الكهربائية وهناك الحافلات والترام والقطارات.
مدن عديدة حول العالم جربت وأنجزت مشاريع إغلاق شوارع رئيسية وتحويلها لشوارع للمشاة فقط وهذا جعلها أماكن يريد الناس زيارتها والمشي فيها وهذا كذلك أدى إلى أن يرتفع أداء الاقتصاد المحلي، لأن الناس ينفقون أموالهم هناك بدلاً من إنفاقها على شركات عالمية تبيع من خلال الشبكة، كل مدينة فعلت ذلك تغيرت إلى الأفضل وأظن أن الوقت قد حان لنفعل ذلك في مدننا العربية.