حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في تعزيز نهجها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يتماشى مع المعايير العالمية والتزامها بمكافحة الجريمة المالية كأولوية وطنية.
وكشف المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن قيمة الأصول المصادرة في عام 2021 وصلت إلى 625 مليون دولار (نحو 2.3 مليار درهم)، من ضمنها نحو 1.1 مليار درهم في جرائم غسل الأموال، تضمنت إحدى الحالات على سبيل المثال مصادرة سلطات إنفاذ القانون الإماراتية نحو 175 مليون درهم نقداً وأصولاً أخرى، وتم تسليم المشتبه بهم الرئيسيين إلى الولايات المتحدة بدعم من وزارة الداخلية بعد إصدار نشرة حمراء من الإنتربول، واعترف المذنب الرئيسي بارتكابه جريمة غسل الأموال في محكمة أمريكية.
وفيما يخص الإشراف والتنفيذ، بلغت غرامات عدم الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العام الماضي 64 مليون دولار (نحو 234.9 مليون درهم).
ووفق بيانات، تم الإفصاح عنها خلال مؤتمر صحفي افتراضي، للكشف عن آخر مستجدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فقد تم مصادرة 109 ملايين دولار نحو (400 مليون درهم) كإجراءات وقائية لمكافحة تمويل الإرهاب في 2021.
امتثال تقني
وأفاد المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حامد الزعابي، خلال المؤتمر الصحفي، بأن مجموعة العمل المالي نشرت تقريراً مفصلاً عن الامتثال التقني في دولة الإمارات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب و«فاعلیته» في أبريل 2020، وبعد اعتماد هذا التقرير دخلت دولة الإمارات في فترة مراقبة مدتها 12 شهراً.
وقال «قمنا بتزويد مجموعة العمل المالي أخيراً بتقرير من 500 صفحة يوضح التقدم والفاعلية التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية، وتم الاجتماع مع هيئاتها الإقليمية ذات الصلة لمناقشة التقدم المحرز في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات».
وحول الجلسة العامة لمجموعة العمل المالي، قال: «نحن على ثقة بأن الامتثال والتحسينات والفاعلية التي قمنا بتحقيقها ستمنح أعضاء مجموعة العمل المالي قدراً كبيراً من الأدلة للنظر فيها، ومع ذلك، فإننا لا نعرف في الوقت الحالي نتيجة الجلسة العامة، ولا نعرف كيف سيصوت أعضاء مجموعة العمل المالي في تلك الجلسة».
وتابع: «كانت التعليقات الواردة من مجموعة واسعة من أعضاء مجموعة العمل المالي حتى الآن، بشأن التقدم الذي أحرزناه إيجابية بشكل عام، وفي الوقت ذاته، ندرك أن العديد من مجالات التحسين في دولة الإمارات تتطلب جهوداً طويلة الأجل ومستدامة، التي بدورها سوف تستغرق وقتاً حتى تؤتي ثمارها».
التزام إماراتي
وقال الزعابي إن «التقدم الكبير الذي تم إحرازه لتحسين نهج دولة الإمارات تجاه مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يهدف إلى التوافق مع المعايير الدولية وهو دليل على التزامنا القوي بمكافحة هذه المشكلة العالمية».
وأفاد بأن الإمارات تلتزم وتسهم في المكافحة العالمية للجرائم المالية منذ عدة سنوات، لافتاً إلى وجود نظام فعال للغاية لتحديد ومنع الأنشطة الإرهابية وغيرها من الأنشطة الإجرامية، بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
وفيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قال «نتخذ إجراءات سريعة لمنع الانتهاكات الإجرامية، وهذا ليس بالأمر الجديد بالنسبة لنا، بل إنه أيضاً موضوع نواصل التعامل معه بجدية بالغة».
وأكد أن دولة الإمارات تلتزم بشدة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تسهم سياسات واستراتيجيات الدولة في كشف الجرائم المالية وردعها، كما تمنع دولة الإمارات إساءة استخدام أراضيها كطريق عبور أو لتحويل الأموال الناتجة عن أي نشاط إجرامي، وتسعى إلى التطبيق الكامل لمعايير مجموعة العمل المالي (فاتف).
وقال: «نحن في المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب نمثل هيئة التنسيق الوطنية الرئيسية لجهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب داخل الدولة، ولدينا تفويض واسع النطاق لمساعدة الجهات المعنية في تعزيز كفاءة تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
تنسيق شامل
وتشمل مسؤوليات المكتب التنفيذي وفق الزعابي، تطوير التنسيق والتعاون الوطني والدولي بشأن قضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى السياسي والتشغيلي، وكذلك معالجة تهديدات غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال العمل مع المجموعات الإقليمية والدولية، مثل مجموعة العمل الخليجية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومجموعة العشرين ومجموعة العمل المالي.
وقال: «نعمل بشكل وثيق مع جميع السلطات المختصة في الدولة بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويشمل ذلك وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة الاقتصاد، ومصرف الإمارات المركزي، ووحدة المعلومات المالية، ووزارة الداخلية، وسلطات الجمارك، ووزارة العدل، وأمن الدولة، وسلطات الأوراق المالية والسلع والعديد من الجهات الأخرى على المستوى الاتحادي وفي كل إمارة».
وأكد التزام دولة الإمارات بتطوير إطار تنظيمي قوي وتوفير بيئة آمنة للمنظمات والشركات للعمل وفقاً لأفضل الممارسات الدولية، وبأدنى حد من مخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
تعاون محلي ودولي
واعتبر التعاون مع الجهات الحكومية لمكافحة غسل الأموال واجباً وطنياً وعملاً أخلاقياً ومتطلباً قانونياً وضرورة اقتصادية من شأنها أن تعمل على حماية الأعمال والاستثمارات والمساهمة في نموها وازدهارها.
وبيّن الزعابي أن السلطات الإشرافية وسلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية والسلطات الخاصة في دولة الإمارات تعمل معاً ضمن استراتيجية وطنية ونظام معمول به، مدعوم بأعلى مستوى من الأولوية الاستراتيجية من قبل قيادتنا.
التزام أخلاقي
وأوضح أن الإمارات تنتهج مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لعدة أسباب، أهمها يرتبط بكون مكافحة هذه الأنشطة الإجرامية التزاماً أخلاقياً يعكس عزم دولتنا على ضمان بيئة تشغيلية آمنة للشركات العالمية، لافتاً إلى أن تعزيز أهداف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعلى جميع المستويات الحكومية تتم من خلال اللجنة العليا المشرفة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي يرأسها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، الأمر الذي يعكس أولوية هذه القضية بالنسبة لدولة الإمارات، كما يتابع الوزراء المعنيون التقدم المحرز في هذا الصدد، ويرفعون تقاريرهم إلى اللجنة العلية، لتعزيز المساءلة وتحديد المجالات التي ينبغي التحسين بها على وجه أفضل.
مركز اقتصادي
ويرتبط السبب الثاني وفق الزعابي بكون الإمارات تستثمر لتبقى مركزاً اقتصادياً رائداً في المنطقة وعلى الصعيد العالمي من خلال تطوير نهج قانوني مستقر وقوي يتماشى مع المعايير العالمية والفرص المتاحة في المنطقة.
ويتعلق السبب الثالث بالمعايير العالمية، لافتاً إلى أن الإمارات تخضع للمراجعة من قبل مجموعة العمل المالي للتحقق من امتثالها للمعايير الدولية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة والتهديدات الأخرى ذات الصلة.
وتابع: «زودتنا مجموعة العمل المالي في 2020، بتعليقات بناءة حول كيفية تحسين إطار عمل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والقواعد والضوابط التي تقوم عليه».
وقال الزعابي: «من أولوياتنا أن يكون لدينا دليل ملموس على النتائج الفعالة، وتستخدم السلطات جميع الموارد المتاحة للتحقيق مع المجرمين ومعاقبتهم ومصادرة مكاسبهم غير المشروعة».
وأكد العمل مع الشركاء الدوليين لفهم المخاطر الرئيسية والأنماط الناشئة، ففي سبتمبر الماضي وافقت الإمارات على شراكة تاريخية لمعالجة التدفقات المالية غير المشروعة مع المملكة المتحدة، كما تعقد دولة الإمارات ورش عمل منتظمة مع سلطات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مثل وكالات إنفاذ القانون والجمارك والهيئات التنظيمية والضريبية.
زيادة الموارد البشرية
وتحدث الزعابي عن التكنولوجيا والموارد التي تم اعتمادها لخدمة أهداف الاستراتيجية لخاصة بمواجهة غسل الأموال، لافتاً إلى أن وحدة المعلومات المالية، على سبيل المثال، زادت مواردها البشرية بأكثر من 85% منذ عام 2019، واستثمرت في مجموعة من الحلول التكنولوجية، كما تم إجراء التدريبات وبرامج التعليم لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع شركاء دوليين، ويخضع مئات المهنيين الذين يعملون إلى جانب 36 سلطة مختصة اتحادية ومحلية في الإمارات لدورات تدريبية للحصول على شهادة اختصاصي مكافحة غسل الأموال المعتمد.
وتحدث الزعابي عن منصة GoAML، كأداة تحليلية لمساعدة وحدة المعلومات المالية على تقييم تقارير المعاملات المشبوهة بشكل أكثر فاعلية، وعن نظام «فوري تيك» الذكي والخاص بجمع القضايا المتصلة بغسل الأموال من مختلف الجهات الاتحادية والمحلية، وتيسير التواصل فيما بينها، بهدف تحديد العلامات الحمراء في المعاملات والبيانات الأخرى، وعن سجل (NER) الموحد، الذي أنشأته وزارة الاقتصاد لدمج البيانات الحكومية وتمكين الوصول إلى معلومات شاملة حول قطاعات الأعمال.
مئات القضايا
وأشار الزعابي خلال الإحاطة إلى وجود المئات من القضايا الجارية التي تتابعها سلطات إنفاذ القانون والمدعون العامون في الإمارات، وبعض هذه القضايا تمت تغطيتها من قبل مجموعة كبيرة من الجهات.
وقال: «بناء على التنسيق بين وحدة المعلومات المالية الإماراتية والهيئة الاتحادية للجمارك والنيابة العامة في دبي، أدانت محاكم دبي 8 أفراد و3 شركات بتهمة الاحتيال الإلكتروني وغسل الأموال، مع أحكام بالسجن وترحيل وغرامات متعددة بقيمة 14 مليون درهم».
وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، فرض المصرف المركزي غرامة مالية تزيد على 17.31 مليون درهم (4.71 مليون دولار) في عام 2021، على بعض الشركات لخرقها قواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
عمليات تفتيش
قال المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حامد الزعابي: «أكملت إدارة مكافحة غسل الأموال التابعة لوزارة الاقتصاد العام الماضي 329 عملية تفتيش كاملة النطاق للشركات المنظمة بموجب لوائح، بما في ذلك تجار المعادن والأحجار الكريمة والعقارات ومقدمو خدمات الشركات، وسيتم تفتيش المزيد في عام 2022، وتشمل عمليات التفتيش زيارات لمقار العمل، ومراجعات للسياسات والإجراءات، والوثائق الأخرى ذات الصلة، والمقابلات مع الموظفين الرئيسيين داخل الجهات، واختبار عينة من الملفات، ومراجعات تقارير المعاملات المشبوهة.
وانتهت وزارة الاقتصاد من تقييم المخاطر للقطاعات الرئيسية، بما يتماشى مع منهجية مجموعة العمل المالي، وفي نوفمبر 2021 اعتمدت برنامج تقييم المخاطر STRIX لجمع معلومات شاملة تم الحصول عليها من 40 سجلاً في دولة الإمارات.