جورج ٫إبراهيم

تدفع ضريبة الشركات إلى تنشيط عمليات الاقتراض من قبل الشركات، ما يسهم في تحسين الطلب على الائتمان المؤسسي في السوق المحلي، هذا إضافة إلى أن البنوك ستكون أكثر قدرة على تقييم القدرة الائتمانية للشركات، حيث ستسهم الضريبة في تعزيز شفافية البيانات المالية وإظهار الشركات القادرة على تحقيق أرباح، وبالتالي سداد ديونها بشكل أكبر، الأمر الذي يحسن بيئة الائتمان، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في رفع جودة أصول البنوك.

ولن تقف فائدة الضريبة بالنسبة للبنوك عند ذلك الحد، فالأموال التي يمكن أن يتم تحصيلها من الضريبة ستعود إلى النظام المصرفي على شكل ودائع من شأنها أن تسهم في رفع قدرة وشهية البنوك على الإقراض.

وفي حين ستدفع البنوك المحلية 9% من أرباحها الصافية كضريبة شركات بعد تطبيقها يوليو 2023، فإن هذه الضريبة لن تؤثر في مراكز البنوك، بل ستدعم عمليات الإقراض، ففروع البنوك الأجنبية تدفع ضريبة قدرها 20%.

الاقتراض أم البيع؟

وأفاد خبراء ماليون ومصرفيون، بأن مصلحة الكثير من الشركات وفي الكثير من الأحيان ستكون في الاقتراض ودفع الفائدة المصرفية، لافتين على سبيل المثال إلى أن الشركة الراغبة في شراء أصل معين أو معدات لن يكون من مصلحتها بيع أو تسييل أصول أخرى وإدخال حاصل الربح في قائمة الأرباح الخاضعة للضريبة لشراء أصل ما، بل الأفضل الاقتراض بضمان الأصول التي تملكها وسداد ثمن الشراء بأقساط بنكية وفائدة معفاة من الضريبة.

وأوضحوا أن الاعتماد على الاقتراض بدلاً من تسييل الأصول هو الأفضل دائماً، فتسييل الأصول لأي غرض كان يعتبر خطأً محاسبياً، وبالتالي تأتي الضريبة كمحفز إضافي للاقتراض.

أخبار ذات صلة

سوق أبوظبي يستقر أعلى 9400 نقطة عند الافتتاح
سلطان الجابر: الأمن والاستقرار وجودة الحياة أحد أهم ممكناتنا الصناعية


كما أفادوا بأن القضية ليست بالأمر السهل من ناحية حساب ومعرفة متى يكون الاقتراض في صالح الشركة من عدمه من أجل تخفيض الأرباح وزيادة الأصول الرأسمالية المعفاة من الضريبة.

وبينوا أن ضريبة الشركات تجعل بيانات الشركات الخاصة الخاضعة لها أكثر شفافية، وبالتالي تمنح البنوك المزيد من الوضوح عند إقراض كيان معين حول كونه جهة قادرة على تحقيق أرباح أو أنه يمكن أن يقع في دائرة التعثر مستقبلاً.

تشجيع الاقتراض

وأفاد عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي وضاح الطه، بأنه في العموم، مسألة كون الضريبة تشجع على الاقتراض صحيحة، لكن الاستفادة من الاقتراض لتخفيض الربح الخاضع للضريبة يخضع بدوره لشروط، أولها أن يكون الاقتراض لغرض مثل توسيع الأعمال أو شراء معدات أو غير ذلك.

وتابع: «الحصول على الكاش من الاقتراض دائماً أفضل من بيع الأصول، وهذه القاعدة صحيحة دائماً حتى في حالات عدم وجود الضريبة، لكن مع وجود الضريبة يكون هناك محفز إضافي لاقتراض».

وعما إذا كان القسط البنكي يعفى من الضريبة باعتباره عبئاً، أوضح أن الفائدة هي وحدها ما يعفى من الضريبة عادة، فمبلغ القرض يوضع في بند الأصول وفي الوقت ذاته في بند المصاريف.

تقليل الخاضع للضريبة

من جهته، أفاد المصرفي حسن الريس، بأن الشركات في البلدان التي تفرض الضريبة تلجأ إلى الاقتراض من أجل تخفيض أرباحها الخاضعة للضريبة، وفي نفس الوقت زيادة وتنويع قاعدة أصولها المدرة للدخل، موضحاً أن تحقيق شركة لربح معين يمكن أن تفرض عليه ضريبة، وقد يكون هذا الربح ناشئاً عن بيع أصل وأن يكون لغرض، وبالتالي ففي بعض الحالات يكون أمام الشركة خيار عدم بيع ذلك الأصل وإدخاله في قائمة الأرباح، وبالوقت نفسه تكون قادرة على الحصول على السيولة اللازمة لشراء معدات على سبيل المثال من خلال الاقتراض بضمان ذلك الأصل، ودفع فائدة أقل من معدل الضريبة.

وأشار إلى أن الضريبة تحسن من جودة وشفافية البيانات المالية وتجعل البنوك قادرة على تحديد أهدافها الإقراضية بصورة أكثر دقة، إذ ستكون قادرة على تحديد الشركات التي تحقق أرباحاً والابتعاد عن الشركات التي يمكن أن تصل إلى التعثر باعتبارها غير قادرة على تحقيق أرباح بمستوى جيد.

وبيّن الريس أن البنوك ستستفيد من ناحية أخرى من أموال الضريبة التي تعود إلى النظام المصرفي على شكل ودائع حكومية أو غير ذلك، وبالتالي ستمنح البنوك المزيد من المرونة في توسيع قاعدة قروضها.

تقييم جودة الإقراض

بدوره، قال الخبير المصرفي أمجد نصر، إن الفوائد المصرفية غير خاضعة للضريبة باعتبارها عبئاً، وبالتالي يمكن للشركات أن تلجأ إلى الاقتراض من أجل خفض قيمة أرباحها الخاضعة للضريبة على أن تدفع فوائد على تلك القروض.

وأشار إلى أن المسألة ليست بسيطة من أجل استبيان مقدار الفائدة، ولا يعني أنها مفيدة وفي صالح الشركة في كل الأحيان، لكن في الكثير من الأحيان تكون مفيدة، من حيث تعظيم أصول الشركة المدرة للدخل، أو حتى زيادة الأصول أو الأملاك دون نقل أو تسييل الأصول لتقع ضمن دائرة الأرباح الخاضعة للضريبة.

وقال نصر: «الضرائب في العموم تضفي المزيد من الشفافية على البيانات المالية، وبالتالي تمنح البنوك المزيد من الأدوات لتحسين جودة ديونها واستهداف الشركات الأكثر قدرة على تحقيق ربحية، وبالتالي تسديد الديون دون الوقوع في التعثر».

من جهته، قال رئيس قسم الودائع الاستثمارية في شركة آفاق الإسلامية للتمويل محمد عامر، إن الضريبة على أرباح الشركات من شأنها زيادة الشفافية وتحسين بيئة الائتمان الإجمالية في السوق المحلي، لافتاً إلى أن البنك قادر عن طريق الاتحاد للمعلومات الائتمانية على تقدير مخاطر العجز عن السداد من أغلب الشركات، لكن لا شك أن الضريبة واستبيان الشركات القادرة على تحقيق مستويات أرباح جيدة من شأنه دعم موقف البنوك في التقييم الصحيح، لا سيما الشركات التي لا تتوافر عنها البيانات الكافية، كالشركات التي تعتزم الاقتراض للمرة الأولى على سبيل المثال.