بعض الصور الإعلامية لا يمكنك تجاهلها، لا يمكنك إلا أن تركض بعيداً خائفاً من أن تصل إليك أصابعهم العشرة لتطبق على رقبتك، فلا تجد من شدة الخوف إلا أن تحاول الركض بقدر ما يمكنك دون أن تتوقف.
يحاول الإعلام أن يستغل صور الأطفال في كل قضية، يبحث عن أضعف طرف، فلا يجد إلا الأطفال وكبار السن الذين يأخذون نصيب الأسد في مدى تأثيرهم على الجمهور، وحقيقة أن ثمة أطفال يسكنون الذاكرة إعلامياً، يدونون تاريخهم رغم قصره، بينما نحن الجمهور نشاهد كل هذه المحطات التي تترك أثراً لا ينتهي، الإعلام شهي وقاسٍ ولا يستحي من الحق.
لا ألوم المصور كيفين كارتر حينما أقدم على الانتحار، بعد التقاطه لصورة الطفلة السودانية الجائعة بينما النسر ينتظر موتها ليأكلها، للأسف، كانت الصورة وأهوال ما رآه خلال عمله أكبر مما قد يتحمل.
تابعنا قضية ريان في المغرب، التي انتهت بموت الطفل الصغير في بئر عميقه، ووجدنا كم استغل الإعلام هذه القضية بكل ثانية بل وربع الثانية، الإعلام أيضاً قبل أعوام ركز على الطفل السوري إيلان كردي ذي الـ3 سنوات، الذي لقي حتفه غرقاً في البحر، حيث رمى الموج جثته الصغيرة على شواطئ تركيا، أثناء هروبه مع أسرته في زورق من سوريا.
فيما أصبح الطفل عمران 5 أعوام، أيقونة لويلات الحرب في سوريا، عندما نشرت وسائل الإعلام العالمية في 2016 صورته، بعدما تم إنقاذه من تحت أنقاض أحد المباني المهدمة في المنطقة الشرقية لحلب، وظهر فيها شارداً مذهولاً وهو جالس على كرسي عربة الإسعاف، وكان يغطي وجهه يبده الملطخة بخليط من الدماء والتراب.
ورغم كل ذلك لا يزال الإعلام سواءً الإعلام العربي أو الأجنبي، يقع في هلوسة البحث عن صيد المشاهد دون الاهتمام بحقيقة الخبر.