تشهد ليبيا تطورات سياسية متسارعة ودراماتيكية، وسط تخوفات من عودة الانقسام والصراع المسلح، وخلق حكومات متوازية بعد اختيار البرلمان وزير الداخلية والمرشح الرئاسي السابق فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء، والتوافق بين مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق تقضي بإجراء الانتخابات خلال 14 شهراً، وإقرار تعديل دستوري بموافقة الأغلبية في البرلمان، صبيحة تعرض رئيس حكومة الوحدة الوطنية الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، عبدالحميد الدبيبة إلى محاولة اغتيال.
وصوت مجلس النواب الليبي، الخميس، بالإجماع على اختيار فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الجديدة، وفق ما أعلن الناطق الرسمي باسم المجلس، عبدالله بليحق، حسبما ذكرات وكالة الأنباء الليبية (وال). وقال بليحق في بيان، إن المجلس صوت على منح الثقة لفتحي باشاغا رئيساً للحكومة بإجماع الحاضرين. بعد وصول رسالة تزكية من المجلس الأعلى للدولة تؤيد ترشح باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة.
تعديل دستوري
كما صوّت المجلس بالموافقة على تعديل الفقرة رقم 12 من المادة 30 من الإعلان الدستوري الصادر في أغسطس 2011 وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، تصويت البرلمان بالأغلبية على تعديل المادة بالإعلان الدستوري بموافقة 126 صوتاً من أصل 147 نائباً.
وينص التعديل على تشكيل لجنة من 24 شخصاً من الخبراء والمختصين يمثلون الأقاليم الثلاثة يتم اختيارهم مناصفة بين النواب وما يعرف بالمجلس الأعلى، مـع مراعـاة التنـوع الثقـافي تتولى مراجعـة النقاط مـحـل الخـلاف فـي مشـروع الدستور المنجـز مـن قبـل الهيئة التأسيسية وإجـراء التعديلات المكملة عليـه.
ووضع المجلس شرطاً ألا تكون اجتماعات اللجنة صحيحة إلا بحضور ثلثي الأعضاء وتصدر قراراتها ويكون المقر الرئيسي للجنة بمدينة البيضاء ويجوز لها عقد اجتماعاتها في أي مدينة أخرى.
وحدد 45 يوماً لتنتهي اللجنـة مـن إجـراء التعديلات بـدءاً مـن أول اجتماع لهـا خـلال خمسة عشـر يـومـاً مـن تاريخ صدور هذا التعديل ويحـال مشروع الدستور مباشرة إلى المفوضية الوطنيـة العليـا للانتخابات للاستفتاء عليـه.
وبين القرار أنه في حال تعـذر إجـراء التعديلات بعد انتهاء المدة تتولى لجنة مشكلة من مجلسي النواب والدولة خلال مدة أقصاها إعداد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة للطرفين لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة، ويحال النظر في مشروع الدستور المنجز من قبل الهيئة التأسيسية إلى السلطة التشريعية الجديدة.
كما أكد القرار أنه في حال موافقة الشعب الليبي على مشروع الدستور المعدل بأغلبية 50+1 لكل إقليم من الأقاليم الجغرافية الثلاثة يتم اعتماده دستوراً للبلاد ويحال إلى مجلس النواب لإصداره.
وأوضح أنه في حال أن كانت نتيجة الاستفتاء بـ(لا) تقوم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بتعديله وطرحه مرة أخرى للاستفتاء عليه بـ50+1، وفق ما نصت عليه الفقرة السادسة خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول.وفي حال تعذر التعديلات في المدة المحددة، إذا كانت نتيجة الاستفتاء الثاني بـ(لا) تحل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ويتولى مجلسا النواب والدولة بالتوافق بينهما وضع قاعدة دستورية مؤقتة لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة تتولى خلالها السلطة التشريعية إقرار الدستور الدائم للبلاد.
وأقر القرار الجديد إعادة تشكيل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ويصحح وضعها القانوني وتتولى إجراء الاستفتاء والانتخابات العامة تحت إشراف القضاء الوطني وبمراقبة محلية ودولية.كما بين أن النتائج النهائية للانتخابات تعتمدها المفوضية العليا للانتخابات على أن تباشر السلطة التشريعية الجديد عملها بعد مضي ثلاثين يوماً من إعلان نتائج الانتخابات النهائية.
وعن انتهاء عمل مجلسي النواب والدولة الحاليين بين التعديل أنه يتم حلهما في أول جلسة تشريعية للمجلس الجديد ويقوم بمهامهما وفقاً للدستور.
وأضاف: بعد انعقاد المجلس التشريعي الجديد يتم تحويل الحكومة الحالية إلى تيسير الأعمال حتى تشكيل أخرى خلفاً لها من قبل البرلمان الجديد.
اغتيال الدبيبة
يأتي ذلك في وقت ذكرت وسائل إعلام ليبية أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة نجا من محاولة اغتيال عندما أطلق مجهولون النار على سيارته في طرابلس في الساعات الأولى من صباح الخميس.
ولم يتم القبض على منفذي محاولة الاغتيال أو التوصل إلى تفاصيل أكثر عن العملية، كما لم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن استهداف الدبيبة.
وبعد فشل إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في نهاية ديسمبر الماضي، قرر البرلمان اختيار حكومة جديدة على أساس انتهاء شرعية حكومة الوحدة وفشلها في الإشراف على إجراء الانتخابات، فضلاً عن ترشح الدبيبة لرئاسة الجمهورية، ما اعتبره البرلمان تضارباً للمصالح واستغلالاً للنفوذ ومقدرات الدولة في الدعاية الانتخابية.
ويتخوف مراقبون للوضع الليبي أن يزكي اختيار البرلمان رئيس جديد للحكومة حالة الانقسام التي عاشتها البلاد لسنوات، وخلق حكومتين بالتوازي، فضلاً عن احتمالية نشوب صراع مسلح، غير أن مجلس الدولة الذي كان موالياً لمعسكر طرابلس خلال سنوات الصراع يتعاون مع البرلمان الذي ساند قوات شرق ليبيا خلال الحرب الأهلية، ما يعني تغير موازين القوى لصالح رئيس الحكومة الجديد.