يشهد السوق العقاري زيادة مستمرة في المعروض خلال العام الجاري، بعد عودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران العام الماضي مع التعافي من تداعيات الجائحة محلياً، وعلى الرغم من تلك الزيادة إلا أن أسعار الفلل والشقق السكنية الفاخرة والشقق الشاطئية لن تتأثر تراجعاً خلال العام الجاري، وستواصل تصدر المشهد العام للسوق العام الجاري، كما كانت في 2021.
ووفقاً لعقاريين، فإن عام 2022 سيحتفظ بتصنيفه كسوق قوي للمشترين، نظراً لتزايد اهتمام مشتري المساكن المحتملين بتوسيع محافظهم العقارية وتأمين المنازل المناسبة لهم ولأسرهم، وبالتالي من المتوقع أن تشهد العقارات طلباً مرتفعاً في الإمارات عامة، ودبي خصوصاً.
تباطؤ الأسعار
وكانت وكالة بلومبيرغ توقعت، في تقرير لها صدر أخيراً، تباطؤ نمو أسعار المنازل في دبي هذا العام بعد ارتفاع 2021، بسبب زيادة العرض المستمرة. وأضافت «من بين 37 ألف وحدة سكنية تم الانتهاء منها في 2021، كانت 16% فقط فيلات، وفي 2022، من المتوقع الانتهاء من 36 ألف وحدة سكنية، ونتوقع تسليم عدد كبير الوحدات التي تم العمل عليها خلال العامين الماضيين».
مزيد من الارتفاع
لكن شركة سفلز، المتخصصة في الاستشارات العقارية، توقعت في تقرير لها، أمس الأول، وحمل رداً ضمنياً على تقرير بلومبيرغ، أن تسجل دبي ارتفاعات في أسعار العقارات بنسب تراوح بين 4 و5.9% خلال 2022.
وأشارت إلى أن أسعار المساكن الفاخرة في الإمارة واصلت الارتفاع خلال النصف الثاني من 2021 إلى معدلات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية العالمية في يونيو 2008، وجاء التحسن مدفوعاً بمستويات الطلب القوية التي تجاوزت حجم المعروض المتوافر، إلى جانب التطبيق الناجح لبرامج التطعيم وفتح الحدود أمام المسافرين الدوليين، والتسهيلات والحوافز الحكومية للأعمال والإقامة، والأسعار التنافسية لشراء العقارات الفاخرة، وجودة الحياة.
وذكرت أن الإمارة سجلت ارتفاعاً في إيجارات العقارات السكنية الفاخرة بنسبة 25% على أساس سنوي في ديسمبر 2021، مسجلةً المعدل الأعلى من بين 30 مدينة عالمية.
الفاخرة.. طلب عالٍ
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «إف إي إم» العقارية فراس المسدي: «صحيح أن هناك زيادة في المعروض في مناطق معينة بالسوق العقاري في دبي، وعلى وجه الخصوص بالنسبة للشقق، لكن لا يوجد عرض مرتفع مقارنةً مع الطلب على الشقق الشاطئية أو المطلة على الواجهة المائية أو الشقق الفخمة».
وأضاف: «هذا النوع من الشقق بشكل عام، الطلب عليه عالٍ جداً ولا توجد فيها طفرة بالعرض مقارنةً بالطلب؛ لذا في 2021 زادت أسعار الشقق المطلة على الواجهات المائية بسبب الطلب المتزايد عليها».
الشقق الداخلية
وأوضح المسدي «بالنسبة للشقق الداخلية والمتوسطة، التي فيها زيادة بالعرض مقارنةً بالطلب، فلا أعتقد أن التأثير عليها سيكون كبيراً».
وتابع: «برأيي أن المعروض الذي سيتأثر هو المشاريع العادية التي تخلو من الفخامة وغير الجاذبة للمستثمر بفعل فائض المعروض».
وأشار إلى أنه «تم ضبط السوق العقاري إلى حدٍ ما من قِبل الجهات الحكومية، لكن تبقى عوامل أخرى خارج نطاق الضبط مثل رغبة المستثمرين ببدء مشاريعهم العقارية، كما أن هناك مشاريع عقارية كبيرة يجب أن تكتمل».
وأكد: «الفلل تصدرت المشهد في السوق العقاري العام الماضي، والأمر نفسه سيستمر في عام 2022».
ولفت إلى أن «الأسعار غير مرشحة للهبوط بعد إكسبو 2020 دبي، وإن حدث فتأثير ذلك سيكون قصيراً جداً، نظراً لرغبة الكثيرين من زوار الحدث في الاستقرار في دبي وبدء مشاريعهم فيها».
سوق قوي للمشترين
بدوره، قال المدير العام لمنصة «نوماد هومز»، المتخصصة في تقديم الخدمات العقارية للمشترين والمستأجرين، تيمور فيشر: «خلال العام الماضي، شهد سوق العقارات موجةً استثنائية من المشترين من جيل الألفية، مدفوعين لأول مرة، بأسعار الفائدة على التمويل العقاري التي بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق، ومع تزايد اهتمام مشتري المنازل المحتملين بتوسيع محافظهم العقارية وتأمين المنازل المناسبة لهم ولأسرهم».
فائض المعروض
وقال نائب رئيس شركة كولدويل بانكر الإمارات، أيمن يوسف: «على الرغم من أن فائض العرض قد يمثل مخاطرة، إلا أننا نعتقد أن السوق سيحقق نمواً إيجابياً معتدلاً، بفضل العديد من العوامل، منها: الرغبة في الانتقال إلى مساحة أكبر، ووجود اتجاه صاعد جديد بعد 5 سنوات من انخفاض الأسعار، بالإضافة إلى الإصلاحات الحكومية».
وتابع يوسف: «يمكن النظر إلى العرض الفائض على أنه مؤشر هبوطي محتمل على نمو السوق في المدى القصير، لكنه رغم ذلك إيجابي على المدى المتوسط».
التدخل الحكومي
وأفاد يوسف بأنه: «سيكون للإصلاحات الحكومية تأثير إيجابي في التوظيف، ما سيؤدي إلى نمو سكاني يخلق طلباً على المنازل، وقد شهدت العديد من المناطق في دبي نمواً من خانتين في أسعار الإيجارات، لذا فإن العرض الإضافي سيوازن الزيادة الحادة، لا سيما في قطاع الفلل، والـ(تاون هاوس) والمجمعات الشاطئية، حيث أدرك المستأجرون أهمية وجود مساحة أكبر، ومع ذلك، كانت المجتمعات غير المسورة التي تُبنى بمرافق منخفضة الجودة تحت الضغط على مدار العام».
وتوقع أن يرتفع السعر الإجمالي هذا العام بشكل معتدل، بنمو من خانة واحدة، يراوح بين 6 و9%».
أثر «إكسبو»
وفيما يتعلق بتأثير معرض «إكسبو 2020»، قال يوسف: «كان المعرض من وجهة نظري فرصة لدعوة الناس للحضور والاطلاع على ما تقدمه دبي (قوانين الشركات الجديدة، عطلة نهاية الأسبوع الجديدة، إلخ) وبالفعل نجح في استقطاب فئة زارت الإمارة وقررت جعلها موطناً لأعمالها ولحياتها، وتعد اللوائح الحكومية والأمن، والأسعار الجذابة هي العوامل التي ستجعل الناس يرغبون في الانتقال إلى دبي للعيش ونقل أعمالهم إليها».
12.36% نمواً مركباً حتى 2026
قال رئيس العمليات في لوتاه لتطوير العقارات، راسل أوين، على الرغم من الضرر الذي ألحقته جائحة كوفيد-19 بالأسواق الرئيسة في جميع أنحاء العالم، إلا أن صناعة العقارات واصلت الازدهار، ويتوقع تقرير صدر أخيراً عن شركة «موردور إنتيليجينس» أن ينمو سوق العقارات السكنية في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.36% بحلول عام 2026، بفضل زيادة قيمة المعاملات والاستثمارات في قطاع العقارات بالبلاد، ما أدى إلى زيادة عدد مشاريع التطوير الجديدة في السوق.
وتابع: «شجع إعلان حكومة الإمارات عن العديد من المبادرات، مثل قانون التملك الحر في إمارة أبوظبي، الذي يسمح للأجانب بامتلاك الأراضي داخل المناطق المخصصة للاستثمار في الإمارة، وقانون الإقامة الذهبية، الذي يمنح الإقامة الدائمة في دبي للمستثمرين والعاملين الاستثنائيين في عدد من القطاعات، على زيادة الطلب على الوحدات السكنية في الدولة».