مصعب قسم الله

وجد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» في الـ18 من أبريل 2021 نفسه محاصراً بأزمة كادت أن تعصف بوجوده، والمقصود هنا إطلاق 12 نادياً أوروبياً مصنفاً في خانة كبار دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم، وهي النسخة التي بشّر مطلقوها بأنها ستكون بديلاً لدوري أبطال أوروبا.

ومن جهته، بدأ «يويفا» تحركات دؤوبة مع الاتحادات الأعضاء التي تتبع لها الأندية «المتمردة»، إلى جانب كل الفاعلين في كرة القدم، قبل أن يتنفس الصعداء بانسحاب 6 أندية إنجليزية من البطولة، لحقت بها 3 أخرى، لتتبقى 3 أندية فقط، وهي ريال مدريد صاحب الفكرة، وبرشلونة ويوفنتوس.

قرارات عملية

ولم يكتفِ «يويفا» بالاحتفال والإشادة بالأندية المنسحبة فقط، بل بدأ تحركات عملية، إذ قرر بعد ساعات قليلة (من تمرد الأندية)، الموافقة على إجراء تعديلات تاريخية على دوري أبطال، عبر نموذج جديد كلياً، اصطلح عليه بالنموذج السويسري لتطوير المسابقة، وأرجع «يويفا» هذه الإجراءات إلى زيادة الشغف والإثارة في أكبر بطولة تنافسية في عالم أندية كرة القدم عالمياً.

ووجد القرار تفاعلاً كبيراً، بين مؤيدين رأوا فيه خطوة إصلاحية حقيقة من طرف «يويفا»، ومعارضين لم يبدو لهم من الإجراءات سوى مطامع جديدة ليويفا نحو جني المزيد من الأموال على حساب إرهاق اللاعبين والأندية، وهي رؤية ربما كانت صائبة، على الأرجح، خصوصاً بعد معرفة آخر المستجدات في أروقة «يويفا»، والتي نرصدها لاحقاً.

ما هو النموذج السويسري؟

ارتبط التغييرات الجديدة بمصطلح النموذج السويسري، وهو نموذج مختلف عن النهج الحالي لإجراء دوري الأبطال، ويقوم هذا النموذج على رفع عدد الأندية المشاركة في دوري الأبطال إلى 36 فريقاً بدل الـ32 التي تشارك في البطولة حالياً، على أن يبدأ العمل في موسم 2023-2024.

أخبار ذات صلة

رايان اير: مشاكل قطاع الطيران سوف تستمر خلال فصل الصيف
جيرونا يقتنص بطاقة العودة للدوري الإسباني من عقر دار تينيريفي

وستعلب الأندية الـ36 في مجموعة واحدة، بدلاً من 8 مجموعات كما في النظام الحالي، على أن يلعب كل فريق 10 مباريات ضد 10 منافسين مختلفين، 5 منها داخل ملعبه، وأخرى بالخارج، من أجل تحديد المتأهلين إلى الدور التالي.

وتتأهل الأندية صاحبة المراكز الـ8 الأولى بشكل مباشر إلى الدور التالي، فيما ستودع الأندية صاحبة المراكز الـ12 الأخيرة البطولة بشكل مباشر.

أما الأندية الـ16 المتبقية ستواجه بعضها البعض بنظام الذهاب والإياب، حيث تواجه الأندية صاحبة المراكز من التاسع إلى الـ16، نظيرتها صاحبة المراكز من الـ17 إلى الـ24.

وتتأهل الأندية الفائزة في المباريات الـ8 إلى الدور التالي، لتكمل دور الـ16 مع الأندية الـ8 التي احتلت صدارة الترتيب، بينما ستنتقل الأندية الـ8 الأخرى إلى بطولة الدوري الأوروبي.

وتُستكمل مباريات دوري أبطال أوروبا بشكل طبيعي بعد ذلك، حيث تُلعب مواجهات ثمن النهائي وربع النهائي ونصف النهائي بنظام الذهاب والإياب، ومواجهة واحدة في النهائي.

وبشكل عام، سيرفع النموذج السويسري عدد المباريات في دوري الأبطال من 125 مباراة إلى 225 مباراة في الموسم الواحد.

يويفا وسباق المداخيل

الآن، بعد اعتماد النموذج الجديد للبطولة، واقتراب موعد تنفيذه، نشر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» الجمعة الماضي تقريراً مقتضباً، كشف فيه عن توقعاته بتجاوز مداخيل النسخة الجديدة من الأبطال أكثر من 5 مليارات.

يذكر أن مداخيل النسخة الحالية بدوري الأبطال تبلغ 3.6 مليار يورو، ستوزع بصيغة معينة على الأندية المشاركة، وتأتي غالبية هذه المداخيل من بيع حقوق بث البطولة تلفزيونياً.

4 وكالات

وبحسب التقرير الذي نشره موقع «صنداي تايمز» البريطاني فإن يويفا استلم طلبات من أ4 وكالات، سيختار أحدها لمنحها حق التفاوض نيابة عنه، من أجل ترويج وبيع حقوق البطولة في العالم.

وسيشرك يويفا في اختيار الوكالة، ولأول مرة، رابطة الأندية الأوروبية، في وقت تقدمت فيه 4 وكالات بطلباتها، أبرزها شركة (إس أي) المالكة الحالية للحقوق، إلى جانب شركة (ريلفانت سبورتس)، و(إن فرونت)، و(إنديافور إي إم جي).

وبحسب مصدر، مطلع أفاد موقع (صنداي تايمز) فإن شركة (إنديافور إي إم جي) تبدو الأقرب للفوز بحقوق الترويج للنسخة الجديدة من دوري أبطال أوروبا.

ضربة للسوبر الأوروبي

على الرغم من تركيز يويفا على حجة رفع الإثارة والشغف في دوري الأبطال، فإن الرغبة الحقيقة من الإجراءات الجديدة كانت على الأرجح، بغرض رفع المداخيل من أجل قفل الباب على دواعي قيام دوري السوبر الأوروبي، والتي رأت أنديته في المبالغ التي يوزعها يويفا على الأندية مجحفة، في وقت تطوق فيه جائحة كورونا خزائن الأندية قاطبة.

وكان دوري السوبر الأوروبي يطمح للحصول على دخل مساوٍ لدخل يويفا من الأبطال، إذ أعلنت أندية السوبر عن توقعات بدخل سنوي يبلغ 3.6 مليار يورو، يأتي جله من بنك «جيه بي مورغان» الأمريكي الممول الرئيسي للبطولة.

وكان سيتم تقسيم المبلغ على 4 مستويات بحسب قوة وتاريخ كل نادٍ مشارك، بحيث تحصل 6 أندية على مبلغ يصل إلى 350 مليون يورو، وتقل مبالغ الأندية الأخرى، لكنها تبقى قياسية مقارنة بما تحصل عليه من المشاركة في دوري أبطال أوروبا.

زيادة مداخيل الأندية

سيكون يويفا أكثر سعادة بالطفرة الجديدة المترقبة في المداخيل، إذ سينعكس ذلك على إيرادات تلك الأندية من بطولة دوري الأبطال بصورة تلقائية، ما يقلل بالتالي من مشروعية مطالب الأندية الباحثة عن الدخل.

وعلى سبيل المثال سترتفع القيمة التي حصل عليها مانشستر سيتي في موسم 2019-2020 والتي بلغت 78 مليون يورو، كأعلى نادٍ إنجليزي نصيباً من دوري الأبطال، تلقائياً إلى نحو 149 مليون يورو في ظل المداخيل الجديدة لدوري الأبطال والتي ستتجاوز 5 مليارات دولارات.

ونال السيتي هذا المبلغ لعدة اعتبارات، أبرزها تقدمه في البطولة ووصوله نصف النهائي فيها، قبل أن يودع أمام ليون، كما كان السماوي الفريق الإنجليزي الوحيد في تلك النسخة بالدور نصف النهائي، ما رفع من نسبة المشاهدات لمبارياته في بريطانيا.

كيف يوزع «يويفا» المداخيل؟

بلغت مداخيل يويفا من دوري الأبطال في موسم 2019-2020 نحو 3.25 مليار يورو، خصص منها الاتحاد القاري مبلغ 1.95 مليار يورو لتذهب إلى الأندية.

واعتمد يويفا على التوزيع أربعة عوامل، هي المشاركة، والأداء، والتصنيف، ونسبة المشاهدة التلفزيونية.

ويخصص يويفا من إجمالي 1.95 مليار المخصصة للأندية، نحو 25% ما يعادل 488 مليون يورو لبند المشاركة، مقابل 30% (585 مليون يورو) لبند الأداء والنتائج، و30% (585 مليون يورو) لبند تصنيف النادي، و15% (292 مليون يورو) لبند المشاهدة التلفزيونية لمباريات النادي.