تدرس الإدارة الأمريكية حاليا، ومعها الحلفاء في أوروبا، كل السيناريوهات للتعامل مع كل الأمور المترتبة على قيام روسيا بغزو أوكرانيا، ومنها احتمال لجوء موسكو إلى «تسليح» صادراتها من الغاز إلى دول أوروبا، بوقف أو خفض تلك الإمدادات، وهي المشكلة التي تعمل واشنطن حاليا على إيجاد حل لها، من خلال إيجاد بدائل للغاز الروسي.
أهمية الغاز الروسي لأوروبا
وأوضح تقرير نشرته إذاعة صوت أمريكا، أنه إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، فإن موسكو ستتعرض لعقوبات اقتصادية قوية، من أمريكا والدول الأوروبية، وإذا حدث ذلك، فمن الممكن أن تقدم موسكو على وقف أو خفض صادراتها من الغاز إلى الدول الأوروبية، والتي تعتمد إلى حد كبير حاليا على الغاز الروسي كمصدر للطاقة. ونقل التقرير عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله «نعمل على تحديد كميات إضافية من الغاز، من دول أخرى غير روسيا، مثل دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وآسيا، والولايات المتحدة». وتهدف خطة واشنطن إلى طمأنة حلفائها في أوروبا، الذين يشعرون بالقلق تجاه احتمال تخفيض أو وقف موسكو لصادراتها من الغاز لأوروبا، حيث أن نسبة الغاز الروسي تصل إلى نحو 40% من إمدادات الغاز إلى أوروبا، ومما يزيد من مخاوفهم، أن مستودعات تخزين الغاز في معدلات منخفضة خلال الأشهر القليلة الماضية، بسبب انخفاض الإمدادات الروسية.
انعكاسات سلبية على موسكو
إلا أن هناك البعض في داخل الإدارة الأمريكية، يتبنى وجهة نظر تقوم على أن روسيا لن تقدم على ذلك الخيار، لأن عائدات تصدير الغاز والنفط، توفر حوالي نصف إيرادات الموازنة الفيدرالية الروسية، أي أن اقتصاد روسيا يعتمد على تلك الصادرات، وبالتالي فإن خفضها يضر بموسكو.
حيث قال مسؤول بارز بالإدارة الأمريكية «إذا قررت روسيا»تسليح«صادراتها من الغاز أو النفط، فإن ذلك سيكون له عواقب على الاقتصاد الروسي».
الدول المصدرة للغاز
ورفضت جين بساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، الافصاح عن الجهة التي سيتم شراء الغاز منها، في حال قطع أو خفض روسيا لصادراتها من الغاز إلى أوروبا، وسط تقارير تشير إلى أنه سيتم الحصول على الغاز من قطر.
ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، في البيت الأبيض، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، يوم 31 يناير الجاري، وطبقا لبيان من البيت الأبيض، فإن اللقاء سيتناول عدة موضوعات، منها التأكيد على استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
وقالت بساكي «التوجه الذي لدينا ليس نحو دولة واحدة، أو كيان فردي»، والإدارة الأمريكية على تواصل مع كبار المشترين والموردين للغاز الطبيعي المسال، للتأكيد على أهمية المرونة في العقود القائمة حاليا، لتمكين إيصال الغاز إلى أوروبا عند الحاجة إليه.
إلا أن المحللين يرون أنه إذا كان من الجيد الاستعداد وإيجاد بدائل للغاز الروسي، إلا أن ذلك لن يكون سهلا، لأنه يتطلب تجهيزات وبنية تحتية، وهو أمر صعب، خاصة في ظل أزمة سلاسل التوريد العالمية حاليا.
توحيد المواقف بين أمريكا وأوروبا
وكان بايدن قد عقد اجتماعات يوم الاثنين، عبر الانترنت، مع قادة الدول الحليفة في أوروبا، وناقش معهم الأزمة الأوكرانية، وقال إن هناك وحدة وإجماعا تاما بين واشنطن وحلفائها من الدول الغربية، حول قضية الضغوط الروسية على أوكرانيا.
إلا أن أستاذة الشئون الدولية في الكلية الجديدة في نيويورك، نينا خروشيفا تقول «الناس في أوروبا لا يشعرون بالحماس ولا السعادة تجاه الاستعداد لإطلاق النار، كما هم هو عليه الوضع في الولايات المتحدة».
وكانت أمريكا ومعها الحلفاء في أوروبا، قد حذروا روسيا، من مواجهة عقوبات اقتصادية مؤلمة، في حال قامت بغزو أوكرانيا، إلا أن بعض الحلفاء في أوروبا، يشعرون بالقلق على الانعكاسات التي قد تقع على اقتصاديات دولهم، بما في ذلك استمرار إمدادات الغاز الروسي إلى دولهم، وخاصة في فصل الشتاء.
فعلى سبيل المثال، فإن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، كمصدر للطاقة لديها، وظلت برلين غير واضحة في مواقفها تجاه مصير خط (نورد ستريم 2) للغاز القادم إليها من روسيا، إذا ما قامت موسكو بغزو أوكرانيا.
وقالت خروشيفا «رغم كل الحديث عن توحيد المواقف بين أمريكا والحلفاء في أوروبا، بالنسبة للمواقف تجاه موسكو، إلا أن الحقيقة هي أن المواقف غير موحدة.. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدرك ذلك».
كما قالت الزميلة البارزة في صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة كريستين بيرزينا «المواطنون في أوروبا الغربية ليسوا مستعدين للمعاناة من أجل أوكرانيا».