محمد فايت

لو حق للطفرة التكنولوجية الهائلة -التي هي سمة العصر الحالي- أن تفخر بإيجابيات أخرى، بخلاف القضاء على هوة التواصل بين العالم، وأيضاً تسهيلها حياة البشرية، فلن تجد،على الأرجح، أفضل من إسهامها زيادة التوعية بضرورة الرياضة، مقدمة في هذا المضمار الكثير من المحفزات، تارة بتطبيقات ذكية ترصد ما يدور في جسم الإنسان من نبض وضربات قلب، وحركة، وسعرات حرارية، وأخرى بإرشاده إلى الأماكن الأفضل لممارسة الرياضة، وما يمكن أن يعود علينا من فوائد صحية ونفسية.

ونتيجة لهذه المحفزات والدراسات وغيرها، زاد الاهتمام العالمي بممارسة الرياضة، ونتج عن ذلك ما اصطلح عليه بصالات الرياضة المتخصصة (الجيم)، وهي أماكن معينة، مجهزة بأحدث الأدوات التي تساعد على ممارسة الرياضة، من أجل أهداف كثيرة.

ومنذ نحو عقد من الزمان تحولت هذه الصالات إلى ظاهرة، وبدأ التنافس بين مالكيها لجذب الرواد، لتنتشر بصورة كبيرة، إذ لا تخلو مساحة سكنية من صالة مجهزة، على الأرجح، بل لا يخلو مبنى سكني من صالة، تختلف باختلاف تجهيزها وحجمها.

دوافع وأهداف

وتتنوع الدوافع والأهداف للمنتظمين في مراكز اللياقة البدنية، فمنهم من يرغب في الحصول على جسم رشيق وجذاب، في حين يتطلع آخرون إلى الحفاظ على صحتهم، تحقيقاً لمقولة راسخة مفادها «العقل السليم في الجسم السليم»، في حين يذهب آخرون إلى بناء أجسام غير عادية، عبر مصارعة مستمرة مع الحديد، فيما تقبل عليها فئة بغرض التعافي من إصابات أو كدمات عارضة.

ريادة في الإمارات

في سياق تحول الشغف بالرياضة إلى ظاهرة عالمية، تبدو الإمارات مؤثرة ومتأثرة بهذا المجال، وهو يعود بالأساس إلى استراتيجية الدولة بتعزيز الرياضة، وجعلها أسلوب حياة، وهو أمر يبدو جلياً للجميع داخل وخارج الإمارات.

أخبار ذات صلة

«الشارقة الرياضي» يوقّع مذكرة تفاهم مع «الدفاع المدني»
فيفا يدعو طاقم الإمارات المونديالي لسيمنار حكام كأس العالم

واعتادت الإمارات مؤخراً تنظيم عدد من الفعاليات الرياضة العالمية، إلى جانب فعاليات رياضية مجتمعية أخرى تشجع على ممارسة الجميع للرياضة، ولكن بشكلها الإيجابي دائماً القائم على الصحة والرشاقة، وضمان مجتمع صحي ومعافى.

وعلى سبيل المثال، يتم حالياً تنظيم أكثر من 400 فعالية رياضية سنوياً في دبي، من بينها أكثر من 130 فعالية وبطولة رياضية دولية، كما تضم دبي أكثر من 400 أكاديمية رياضية مختلفة وأكثر من 100 نادٍ حكومي وخاص لمختلف الرياضات، فيما يعمل في دبي حالياً أكثر من 400 مركز حديث ومخصص للتدريب البدني واللياقة البدنية.

وفي ظل هذه الاستراتيجية، وجدت صالات اللياقة إقبالاً كثيفاً، من جميع الفئات، لتصبح بذلك وجهة الكثير من الشباب.

أكثر من مجرد مكان رياضي

في ظل تنامي الاهتمام العالمي بالصالات الرياضة، استفادت هذه الأخيرة كثيراً منذ ذلك، لتصبح اقتصاداً قائماً بذاته عالمياً.

وتقوم هذه الصالات على مساهمات مالية تفرضها على مرتاديها، مقابل منحهم صالة مجهزة بالمعدات وأيضاً بمدربين مقتدرين.

وعالمياً، بلغ حجم سوق صالات اللياقة البدنية نحو 100 مليار دولار عام 2019، وذلك بحسب تقرير إحصائي لموقع ستاتيستا الأمريكي المتخصص في إحصاء وتحليل البيانات.

وبحسب الموقع ذاته، فإن حجم هذا السوق ظل في ارتفاع مطّرد منذ 2009، إذ بدأ في 2010 بقيمة 70 مليار دولار، قبل أن يرتفع بصورة مستمرة، إذ بلغ عام 2013 نحو 78 مليار دولار، قبل أن يرتفع ويصل إلى 81 مليار دولار في 2015، و94 مليار دولار عام 2018، ليقف عند محطة الـ97 مليار دولار في 2019.

ارتفاع في العدد

بحسب موقع ستاتيستا الأمريكي، ظل عدد الصالات الرياضية المتخصصة أي المتكاملة في العالم في ارتفاع مطرد، إذ كان عددها في عام 2010 نحو 133 ألف صالة «جيم» متخصص، ويقصد بالـ«جيم» المتخصص ذلك المعد لصناعة أبطال كمال أجسام على الطريقة الاحترافية، وأيضاً المؤهل لأعداد الرياضيين في مختلف مجالاتهم.

وظلت الصالات في ارتفاع، لتصل في 2015 إلى 186 ألف صالة، في حين بلغت في 2017 نحو 201 «جيم»، لتصل في 2019 إلى 205 آلاف صالة «جيم» متخصص حول العالم.

ويبرهن هذا العدد، حجم الشغف المتنامي بين سكان العالم بضرورة الرياضة، وجعلها نمط حياة، ومدخل للسعادة.

ممارسة مخيفة

«لا شيء يبدو مكتملاً» مثلما يقول المثل الفرنسي، إذ رغم الانتشار العالمي للصالات الرياضية، وأيضاً التشجيع الحكومي في العالم على ضرورة ممارسة الرياضة بشكلها الصحيح والسليم، بدت بعض الممارسات تظهر في عالم صالات اللياقة البدنية، والمقصود هنا لجوء الكثير من مرتادي الصالات إلى ظاهرة المكملات الغذائية غير مضمونة الجوانب صحياً، والإفراط في استعمالها.

وتبذل السلطات الصحية في الإمارات جهوداً حثيثة لضمان عدم تسرب الأنواع غير المرخصة إلى الصالات، في وقت تنفذ فيه حملات مستمرة لضبط أي مخالفات، سواء في الأسواق أو في الصالات الرياضية.

وسيكون موضوع المكملات الغذائية والهرمونات الضارة أحد أجندة الملف التالي، قبل أن نسلط الضوء على أبرز أسباب انتشار وزيادة عدد الصالات في الإمارات، ونستعرض خلالها بعض النماذج الناجحة في إدارة هذه الصالات، لنختم بأبرز الآراء والنصائح الطبية بخصوص المكملات الغذائية، من أجل رفع مستوى الوعي بمخاطرها، للحد من التأثيرات السلبية الناتجة عن الإفراط في تناولها بهدف الحصول على كتل عضلية سريعاً، دون الانتظام في التدريبات لفترة طويلة، لا سيما أن هناك صالات تحظر استخدامها والتعامل معها.

اقرأ أيضاً: 2 مليون درهم كلفة تأسيس صالة «جيم» بالإمارات

اقرأ أيضاً: الاستعراض «الإيجابي» عبر السوشيال ميديا يجذب الشباب لصالات «الجيم» بالإمارات

اقرأ أيضاً: صالات رياضية تحظر المكملات الغذائية:مضرة ومدمرة للصحة