محمود محمد

يقود مسؤولون في الصين حملة على قطاع العقارات تستهدف الحد من مخاطر حدوث أزمة مالية عالمية أخرى مثل التي اندلعت في الولايات المتحدة عام 2008 والتي أدت لانهيار بنك «ليمان براذرز» وهزت أركان الاقتصاد العالمي ككل.

وأتت تلك الحملة في أعقاب انكشاف أزمة ديون مجموعة إيفرغراند العقارية الصينية العملاقة في سبتمبر الماضي ما دفعها لإنهاء بناء المشاريع وبيعها لسداد تلك الديون التي قدرت بنحو 300 مليار دولار لأكثر من 170 مصرفاً ومؤسسة مالية.

وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإن مراقبي الصين يتوقعون أن يتلاشى القطاع ارتفاع أسعار المساكن وفورة البناء التي تغذيها الديون من قبل أباطرة صناعة البناء بالبلاد. مرجحين أن يتم استبدال السوق بسوق أكثر رصانة وسط تسريع السلطات تضييق الخناق على نوبات المضاربة ومن ثم تهيمن الشركات التي تديرها الدولة على التنمية في ذلك القطاع.

وقال إسوار براساد، الذي قاد في السابق فريق صندوق النقد الدولي في الصين وهو الآن في جامعة كورنيل، إن الصين ستحتاج إلى كبح نشاط المضاربة في قطاع العقارات من خلال وضع قيود مالية وتنظيمية على مطوري العقارات غير المنضبطين وذوي الاستدانة العالية وكذلك الأسر التي تستحوذ على عقارات متعددة كأدوات استثمارية بحتة.

أخبار ذات صلة

معرض دبي للطيران 2023 ينطلق الاثنين.. ماذا ننتظر؟
بريطانيا: حظر أدوات المائدة البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتباراً من أكتوبر

وأشار إلى أن تلك الخطوات قد تتسبب في حدوث هزة في قطاع العقارات، مع ما قد يترتب عليه من عواقب وخيمة تنعكس على النمو الاقتصادي والاستقرار المالي. وأوضح أن بكين تبدو أنها قررت أن هذه التكاليف من المحتمل أن تكون مؤقتة ولا يمكن تجنبها من أجل الحد من تقلبات الأسواق المالية مستقبلاً وعدم تعرض أسواق العقار لديها للمزيد من الاختلالات.

ومن جانبه، قال لوجان رايت، مدير أبحاث الأسواق الصينية في مجموعة Rhodium Group، لقد كانت وتيرة البناء في الصين متقدمة جداً على الطلب الأساسي من قبل المالكين على مدى السنوات الخمس الماضية، والحل الأكثر احتمالاً لهذا الاختلال هو التباطؤ في نشاط البناء خلال عدة سنوات.

وأضاف: «لا يمكن تغيير حقيقة أن المحرك الرئيسي لاقتصاد الصين على مدى العقدين الماضيين سيمثل عائقاً حقيقياً للنمو خلال السنوات القليلة المقبلة، على الأقل». وأشار إلى أنه من المحتمل أن تكون مبيعات الأراضي أقل بكثير في المستقبل.

وأوضح أن ذلك يعود لسببين أولهما أن بكين من المرجح أن تشدد اللوائح المتعلقة بهذه الممارسة، وأما الثاني فهو أن المزيد من مشتري المنازل سيفقدون الثقة في الظروف المالية للمطورين ويطلبون منازل مكتملة قبل الشراء.

وبدوره، قال بروس بانج، رئيس قسم الماكرو وبحوث الاستراتيجية في China Renaissance Securities Hong Kong Ltd، "بالنسبة لبعض شركات العقارات العملاقة المتعثرة ذات الأهمية النظامية والمخاطر المحتملة للعدوى. ويعتقد أن الحكومة ستشارك على الأرجح في عملية إعادة الهيكلة من أجل منع التدهور الحاد في سوق الإسكان وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والمالي".

ويعتقد أن السياسة الجديدة التي يتبعها المسؤولون بالصين يمكن أن تواجه هبوطاً طفيفاً لقيمة الممتلكات إلا أنها ستمكنها من أن تضع الأساس لاقتصاد أقوى وأكثر صحة مع أسس أقل هشاشة في المستقبل.

ومن جانبه، قال تينج لو، كبير الاقتصاديين الصينيين في Nomura Holdings Inc، إن التباطؤ أمر لا مفر منه وذلك أفضل ما يمكن أن نتوقعه هو هبوط ضعيف نسبياً خلال الأرباع القادمة.

ولا يعتقد أنه ستكون هناك أزمة مالية حيث لا يزال لدى الصين الكثير من الأدوات لإدارة هذه المخاطر، مشيراً إلى أن البنوك تلعب دوراً رئيسياً في تمويل قطاع العقارات ولا تزال الحكومة تتمتع بسيطرة جيدة جداً على النظام المصرفي - لذا فإن فرصة حدوث فوضى في الأسواق المالية في الصين ضئيلة للغاية.

وأكد بدوره، كريج بوثام، كبير الاقتصاديين الصينيين في Pantheon Macroeconomics، أن سوق العقارات سيخضع لعملية دمج كبيرة وسيصبح أكثر سيطرة على الشركات المملوكة للدولة، مشيراً إلى أن ذلك أمر طبيعي جديد. وأشار إلى أن الحكومات المحلية ستحتاج إلى جني الدخل من تأجير العقارات وإيجاد محركات جديدة للاستهلاك ومركبات الادخار البديلة، كما أنها ستحتاج إلى الابتعاد عن هدف النمو ومضاعفة الدخل بحلول عام 2035 حيث أنه وسط الأزمة الحالية غير قابل للتحقيق.

وتوقع غابرييل ويلداو. نائب رئيس أول في شركة استشارات الأعمال العالمية Teneo، أن يستحوذ المطورون الأكبر حجماً والذين غالباً ما تملكهم الدولة على اللاعبين الأضعف. وأوضح أن هذا الدمج يتناسب مع أهداف الحكومة طويلة المدى لقطاع الإسكان بشكل جيد وأكد أن ذلك يسمح لهم بممارسة المزيد من السيطرة على القطاع.