تعكس القيمة السوقية الراهنة لشركة أبل، البالغة 3 تريليونات دولار، ذروة الصعود المبهر لقطاع التكنولوجيا في زمن الجائحة، بعدما ارتفع السهم 1400% خلال العقد الماضي مستفيداً من تنامي الاعتماد على التقنية، وهو اتجاه سيتم استثماره بقوة خلال السنوات المقبلة، ونعتقد أن هذا الإنجاز التاريخي لعملاق التكنولوجيا الأمريكية في مستهل عام 2022 يقدم رسالة واضحة، بأن لوبي شركات التكنولوجيا العابرة للقارات لا يزال في قمة عنفوانه، ومتمسكاً ببوصلة المكاسب الخرافية، والهيمنة على الاقتصاد العالمي.
تعطي أرقام «أبل» الأخيرة دروساً للشركات الراغبة في تحقيق هدف التريليون دولار، فقيمتها السوقية تعادل ضعفي الصندوق السيادي النرويجي، الأكبر في العالم، والمقدرة قيمته بنحو 1.4 تريليون دولار، في الوقت نفسه تغرد الشركة الأمريكية بأرقام غير مسبوقة، من بينها أن إيراداتها اليومية تقدر بمليار دولار، وأرباحها السنوية تبلغ 100 مليار دولار، ولديها 745 مليون متعامل باشتراكات، وتصرف بشراهة على إعادة شراء أسهمها، إذ أنفقت خلال 10 سنوات 450 مليار دولار على إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح.
وإذا كانت قيمة الشركات تقاس بحجم التوزيعات النقدية، فإن «أبل» تحلق في قمة الهرم، وعلى سبيل المثال، فقد ربح مساهمها الأشهر الملياردير الأمريكي وارن بافيت 140 مليار دولار منذ أن بدأ يتمركز في السهم عام 2016، رغم أنه باع 12% من حصته بحوالي 13 مليار دولار، لكنه مع ذلك، يملك 887 مليون سهما، أي بنسبة 5.4%، وفي المجمل، قفزت أسهم بافيت في «أبل» من 36 مليار دولار في 2018 إلى 162 ملياراً في الوقت الراهن، أما عريس الفرح، الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك، فقد حصل على راتب ومكافآت من «أبل» بقيمة 100 مليون دولار في 2021.
قطعاً، لم تكن مسيرة التريليون دولار سهلة أبداً على العملاق الأمريكي ورفاقه من المنافسين، فقد أنجزت «أبل»، التي أراها أنجح شركة في التاريخ، رحلة التريليون بعد 4 عقود كاملة من العمل المضني والابتكار والتوسع في الأسواق، واستطاعت خلال سنتين فقط ضم التريليون الثاني، ثم تكديس التريليون الثالث في أقل من سنتين، بينما احتاج منافسوها «أمازون» 21 عاماً لتحقيق ذات الحلم، و«تيسلا» 18 عاماً، و«مايكروسوفت» 44 عاماً، وفعلتها «فيسبوك» بعد 17 عاماً، والواقع أن صناعة التكنولوجيا مؤهلة لتحقيق المزيد من التريليونات، رغم بدء تشديد الإجراءات التنظيمية في العديد من الدول، فالتقنيات والتطبيقات التي ازدهرت منذ اندلاع الجائحة لن تصبح، كما كان البعض يظن، مجرد حالة طارئة قصيرة الأمد.