تعتمد العديد من الاقتصادات الأفريقية لدرجة كبيرة على المواد الخام منذ طويلة جداً، وبالنسبة للأمم المتحدة يتم تعريف الدول على أنها تعتمد على السلع في حال كانت تمثل أكثر من 3 أخماس صادراتها المادية، وفقاً لتقرير مجلة الإيكونومست البريطانية.
وذكر التقرير أن حوالي 83% من البلدان الأفريقية بلغت هذه العتبة، مقارنة بـ77% قبل حوالي 10 سنوات.
ويعتمد البعض في أفريقيا على منتجات مثل الشاي، ولكن الأغلبية يعتمدون على التعدين أو ضخ النفط، ولذلك عندما انهارت السلع في عام 2015، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو لم يتعافَ بشكل كامل حتى الآن.
وعلى مدى عقد من الزمان، أصبحت الموارد أقل أهمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، كما انخفض نصيب السلع من صادرات القارة ككل، وفي بلدان مثل بوتسوانا وملاوي، بينما نما قطاع الخدمات بقوة، وحتى قطاع التصنيع بات يشهد انتعاشاً.
ولكن على الرغم من ذلك، لا يزال أمام أفريقيا طريق طويل لتقطعه للتحرر من اعتمادها على السلع، وفي البلدان الغنية بالألماس أو النفط تستحوذ الحكومات على الحصة الأكبر، ويتقاضى العمال أجراً زهيداً للغاية.
ففي شرق سيراليون، يتقاضى العمال الذين يعملون في التنقيب عن الألماس حوالي 0.90 دولار أمريكي في اليوم، بينما يحصل مالك المنجم على 70% من أي شيء يتم إيجاده.
وتتأرجح أسعار السلع الأساسية بين صعود وهبوط باستمرار، ما يؤدي إلى فترات انتعاش وكساد، وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد في سيراليون لعام 2012 بنسبة 51% بسبب ارتفاع أسعار الحديد، إلا أن الناتج المحلي نما في ذلك العام 15%.
وفي 2014 انخفضت أسعار خام الحديد وأغلقت المناجم، وتقلص الاقتصاد الذي تضرر أيضاً من انتشار فيروس إيبولا بنسبة 20% في عام 2015.
وتخلق قطاعات النفط والمعادن عدد قليل من الشواغر، وفي سيراليون يعمل حوالي 8 آلاف عامل في مناجم تجارية بينما يبلغ عدد السكان حوالي 8 مليون.
وفي كثير من الأحيان يتم كبح بقية القطاعات الاقتصادية بسبب صادرات السلع عن طريق رفع سعر الصرف لتصبح الصادرات الأخرى غير قادرة على المنافسة.
ومقابل كل دولار يتم الحصول عليه من العملات الأجنبية المكتسبة من تصدير الموارد، يقلل من الصادرات غير المتعلقة بالموارد بمقدار 0.74 دولار.
وأشار التقرير إلى أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الاقتصاد وحده، حيث تنفق الحكومات مكاسب السلع على الرواتب بدلاً من استثمارها في البنية التحتية أو التعليم، وفي كثير من الأحيان عندما تكون السيولة النقدية شحيحة يحاول السياسيون إعادة التفاوض على الصفقات الحالية للحصول على مزيد من الضرائب، أو الاستحواذ على شركات التعدين والنفط.
وأضاف التقرير أنه غالباً ما يتم التغاضي عن حقيقة أن بعض السياسيين لا يرغبون بالتنويع بالاقتصاد، ويقول كبير الاقتصاديين السابقين في بنك التنمية الأفريقي، إن الشخصيات السياسية البارزة غالباً ما تستفيد من ذلك بطرق أو بأخرى.
وفي كثير من الحالات يتم التحكم بالواردات التي تميل إلى الارتفاع خلال فترات ازدهار السلع، من قبل عدد قليل من اللاعبين الكبار.
وأشار التقرير إلى أنه من الممكن للحكومات أن تدير سلعها بشكل أفضل، كتحويل السلع الموجودة بالأرض إلى مصادر أخرى للثروات كالاستثمار بالبنية التحتية والتعليم، خاصة بالنسبة للسلع مثل النفط والمعادن.