قبل نحو عامين تقريباً، وفي اجتماع قمة السبع، التقطت وكالات الأنباء العالمية صورة لدونالد ترامب جالساً وأمامه قادة أوروبا، تتقدمهم أنجيلا ميركل، التي لم تهب ترامب ووضعت يديها أمامه على الطاولة في إشارة على «الندية». وقتها كانت الأزمة في أوجها بين أمريكا وأوروبا بسبب انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ. الصورة حملت دلالات عدة أبرزها: أوروبا وجهاً لوجه مع أمريكا إذا استدعى الأمر. مع رحيل ميركل استرجعت أوروبا هذه الصورة ، ولا سيما في ظل الحديث عن خليفة المرأة الحديدية في القارة العجوز. الأسماء المرشحة لملء الفراغ، وخاصة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تزال تحاول إقناع الرأي العام الأوروبي. أولاً: التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي مستقبلاً في غاية الخطورة والعمق. بوصلة الإدارة الأمريكية باتت صوب الصعود المتنامي للصين، في محاولة لتطويق نفوذها، خاصة في آسيا الوسطى. أزمة أخرى مرشحة للتفاقم مع القطب الروسي، نتيجة استخدام روسيا سلاح الغاز، كورقة ضغط سياسية لإجبار أوروبا على التخلي عن دعمها لأوكرانيا، ما دفع ألمانيا للتهديد برد انتقامي يتمثل بإغلاق خط «نورد ستريم 2». التحدي الآخر يتمثل في القلق المتنامي من استنساخ دول أوروبية أخرى لتجربة بريكست، ما يعني عملياً تفتت الاتحاد الأوروبي، ما يُضعف من تأثيره على الساحة الدولية. ثانياً، يشهد العالم تشكل تحالفات جديدة وتنامي نفوذ القوى الدولية إلى مناطق تمثل العمق الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يهدد بخطر تهميش جيو-سياسي للدور الأوروبي عالمياً. ثالثاً، تفاقم الانقسامات حول القضايا الكبرى التي تواجه أوروبا، ما يجعل من قيادته تحت راية موحدة أمراً في غاية الصعوبة. رابعاً، انتهجت ميركل استراتيجية ازدهار الاتحاد اقتصادياً من دون التورط كثيراً في القضايا الدولية الكبرى. هذه التحديات وغيرها الكثير دفع عدداً من المحللين السياسيين في الغرب إلى اعتبار أن «قيادة ماكرون تبقى خياراً، لكنه احتمال ضئيل»، بسبب الصعوبات التي سيواجهها في تشكيل التحالفات الضرورية، ويشكك كثيرون في أن باريس تريد استخدام أوروبا للدفاع عن مصالحها بشكل أساسي، وليس العكس |