تساهم في الناتج العالمي.. وبعيدة عربياً
تحولات هائلة شهدتها السينما خلال الآونة الأخيرة، إذ تطورت من كونها وسيلة لإمتاع الجمهور، إلى صناعة متكاملة تهدف إلى تحقيق الأرباح، وتُمثل جزءاً مهماً وكبيراً في اقتصاديات الدول المختلفة مثل «هوليود» و«بوليوود»، حيث توفر نحو 492.8 ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة، بخلاف الدخل الكبير الذي تُدره نتيجة بيع الأفلام داخل الدولة وخارجها، وتساهم في الناتج المحلي الصيني بـ146 مليار يوان، بل وازداد تأثيرها لتصبح وسيلة تسويقية للمعالم السياحية في كل دولة كما هو الحال في الهند وتركيا.
وذكر تقرير لمركز «سمت للدراسات»، يظهر قراءات تحليلية للأرقام والمؤشرات، أن إجمالي إيرادات أول 10 أفلام على مستوى العالم، وهي صناعة أمريكية في عام 2017 بلغ 39.699 مليار دولار، وهو ما يتخطى الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول العربية وأغلب الدول الأفريقية، ما يعني أن إيراد 10 أفلام سينمائية للولايات المتحدة الأمريكية في عدة أشهر يتفوق على الدخل القومي لعدة بلدان عربية وأفريقية، ما يدل على أن السينما في أمريكية صناعة استثمارية في المقام الأول.
وأوضح تقرير صادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن صناعة السينما تُعد من الصناعات الضخمة عالمياً، حيث يزيد حجم إيراداتها السنوية عالمياً على 60 مليار دولار في المتوسط خلال السنوات الأخيرة، ويتضاعف هذا الرقم إذا أضيف إليه الترفيه المنزلي المرتبط بهذه الصناعة، وهو ما يتعدى إيرادات الكثير من الصناعات التحويلية الأخرى.
تأثير اقتصادي كبير
وأكد الناقد مصطفى الكيلاني، أن السينما قد تتحول إلى أحد أعمدة العملة الصعبة المهمة جداً لأي دولة، فنجد أن صناعة السينما تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الهندي أو الأمريكي، وفي وطننا العربي لا تزال هذه الصناعة بعيدة كل البعد عن شكلها الصحيح، موضحاً أن هناك تقريراً صادراً عن اتحاد أفلام الحركة في أمريكا أكد أن صناعة السينما والتلفزيون في أمريكا خلال عام 2016 وحده، قامت بتشغيل نحو 2.1 مليون وظيفة في الولايات الأمريكية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
35 فيلماً
من جهته، قال الناقد أحمد سعد الدين، إن السينما ليست شيئاً ترفيهياً فقط، ولكنها مثلث ثلاثي الأضلاع، ضلع للفن، وضلع للصناعة، وضلع للتجارة، فهي عملية اقتصادية مهمة، مشيراً إلى أنه في نهاية القرن الـ19، دخلت مصر هذه الصناعة، وكان الناتج القومي رقم 2 بعد زراعة القطن، فرجال الصناعة استغلوا السينما كمشروع مثل طلعت حرب، فكَّر في السينما من خلال فتح الاستوديوهات لأن دورة حياة رأس المال كبيرة جداً فالعائد للاقتصاد كان كبيراً جداً.
وأضاف أننا وصلنا في الوقت الحالي إلى أن تنتج مصر في السنة بين 30-35 فيلماً، وهذا الرقم من الأفلام يوصل إلى 65 مليون دولار في السنة، ونسبته المئوية لا تعتبر كبيرة، مؤكداً تأثير صناعة السينما على الاقتصاد لأن هنالك الكثير من الوظائف التي توفرها هذه الصناعة، فدورة حياة الفيلم كبيرة جداً، وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن صناعة السينما اقتصاد قائم بذاته، يساهم بنسب كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، كما تشير المؤشرات أيضاً إلى أن رواد السينما والمسارح والحفلات يشكلون أكثر من 60% من المواطنين، لكن اللافت أيضاً هو أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن صناعة السينما لا تتجاوز 0.1% من الناتج المحلي الإجمال لأغلب الدول العربية.
غياب عربي
وأوضح محمد الصناديلي، أن دخل صناعة السينما العالمية يتجاوز 60 مليار دولار سنوياً، حيث تحقق صناعة السينما الأمريكية دخلاً مالياً كبيراً، وكذلك السينما الهندية، مشيراً إلى أن العالم العربي لا يزال بعيداً عن اقتصاد هذه الصناعة.