عاش متابعو كرة القدم أوقاتاً صعبة في ديسمبر الجاري عقب وفاة 4 لاعبين داخل الملاعب في 5 أيام فقط ما تسبب بصدمة كبيرة في الوسط الرياضي مع المطالبة بضرورة خضوع الرياضيين لفحوصات طبية دقيقة بشكل مستمر وتحسين جودة الجانب الطبي ووجود سيارات الإسعاف في الملاعب لمحاولة إنقاذ أي رياضي يتعرض لمشكلات قلبية.
وفاة 4 لاعبين ومدرب
أعلن نادي الإسماعيلي المصري عن وفاة أدهم السلحدار لاعب الفريق السابق ومدرب نادي المجد السكندري إثر تعرضه لأزمة قلبية، عقب تسجيل فريقه هدف الفوز في الثواني الأخيرة، بمرمى فريق الزرقا، بدوري الدرجة الثانية المصري.
وبالتحول لإندونيسيا توفى توفيق رمزي (20 عاماً) حارس مرمى نادي تورنادو المشارك في دوري الدرجة الثالثة الإندونيسي لكرة القدم عقب تدخل عنيف تعرض له أثناء المباراة ضد نادي فاجانا بسبب تعرضه لإصابة عنيفة في الرأس.
وتوفي لاعب نادي مسقط العماني مخلد الرقادي (29 عاماً) قبل مواجهة نادي السويق ضمن الجولة السادسة من الدوري العماني بينما في الجزائر توفي قائد فريق مولودية سعيدة الجزائري، سفيان لوكار (28 عاماً) بسبب أزمة قلبية تعرض لها عند مواجهة فريق جمعية وهران كما توفي الكرواتي مارين كاشيتش بعمر 23 عاماً.
ويتذكر الجميع وفاة أنطونيو بويرتا، لاعب إشبيلية ومنتخب إسبانيا وهو في الـ22 من عمره عام 2011 ثم وفاة المهاجم الزامبي تشيسوي أنسوفوا في التدريبات بعدها بيوم فقط ووفاة لاعب الوسط الكاميروني مارك فيفيان فوي عن عمر يناهز 28 عاماً، وكذلك مدافع منتخب إنجلترا السابق أوغو إييوغو، بعمر 44 عاماً وهو مدرب توتنهام السابق.
ونتذكر على المستوى العربي وفاة يوسف بلخوجة، مدافع نادي الوداد الرياضي (شهيد الديربي البيضاوي)، وجواد أقدار لاعب حسنية أقادير ثم عادل التكرادي لاعب أولمبيك خريبكة، واللاعب الدولي التونسي السابق الهادي بالرخيصة في لقاء ودي ضد ليون الفرنسي كما توفي ظهير أيسر الأهلي ومنتخب مصر السابق محمد عبدالوهاب خلال تدريبات الفريق القاهري في 31 أغسطس عام 2006 بسبب أزمة قلبية.
4 أسباب لوفاة اللاعبين
تقف 4 أسباب وراء وفاة اللاعبين أولها الأزمة القلبية ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لإجبار الأندية على ضرورة خضوع لاعبيها لكشف طبي بشكل مستمر، والسبب الثاني بلع اللسان أحد أكثر أسباب وفاة اللاعبين شيوعاً، الأمر الذي دفع الفيفا لإجبار الاتحادات الوطنية على وجود مسعفين ومعدات طبية مع دعمهم بجهاز إنعاش القلب.
السبب الثالث للوفاة فقر الدم وينصح الفيفا بأن يخضع اللاعبون لفحوصات طبية بشكل مستمر لرؤية نسبة فقر الدم لكون القصور في الدورة الدموية ربما يتسبب في الوفاة، والسبب الرابع الأكثر شيوعاً التدخلات العنيفة مما قد يتسبب في سقوط اللاعبين على رأسه أو الرقبة.
نصائح طبية
نصح الأطباء اللاعبين بضرورة الخضوع لفحوصات طبية بشكل مستمر وكذلك فحوصات على مستوى القلب بجانب النوم المبكر ويؤكد الأطباء ضرورة التغذية السليمة والحصول على أكل صحي وينصح بضرورة الاهتمام باللياقة البدنية والإطالات العضلية.
ويلزم الأطباء الرياضيين بضرورة الابتعاد عن التدخين حتى لا يؤثر ذلك على حالة الجهاز التنفسي وينصحون بدورات تثقيفية للاعبين حيث يعتقد العديد من الرياضيين أن بذل مجهود عالٍ جداً بشكل مستمر أمر عادي وهو خطأ كبير ويؤثر على عضلة القلب.
دراسات في الفيفا
يدرس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بحسب صحيفة «ذا صن» البريطانية بالتعاون مع الأطباء والمتخصصين في المجال الرياضي وخاصة كرة القدم زيادة نسبة الوفيات في المستطيل الأخضر.
ويفكر الفيفا بإجراء المزيد من التعديلات على الفحوصات الطبية في البطولات الدولية التابعة له وأرسل «فاكس» رسمياً يطلب من خلاله الاتحادات الوطنية بضرورة تكثيف الفحوصات الدقيقة لقلب اللاعبين، للتأكد من سلامتهم وقدرتهم على ممارسة الرياضة.
دراسة ألمانية
أصبحت مشكلات القلب بحسب صحيفة «الغادريان» شائعة بين لاعبي كرة القدم، خاصة الشباب بسبب عدة عوامل، أكثرها اعتلال عضلة القلب الضخامي (HCM) وهي حالة وراثية حيث تصبح جدران العضلة سميكة ويمكن أن تؤثر ذلك على النظام الكهربائي للقلب، ما يؤدي إلى سرعة ضرباته، أو عدم انتظامها ثم إلى الموت المفاجئ.
سبب آخر لأزمات قلب اللاعبين هي تشوهات الشريان التاجي، ففي بعض الأحيان يولد الأشخاص بشرايين تاجية متصلة بشكل غير طبيعي، ثم تنضغط هذه الشرايين أثناء التمرين، ولا توفر تدفق الدم المناسب لعضلة القلب، ما يؤدي إلى الموت المفاجئ إضافة إلى ذلك أمراض القلب الخلقية غير المكتشفة (موجودة منذ الولادة).
اهتمت صحيفة «بيلد» الألمانية بدراسة أسباب وفاة اللاعبين وذلك عقب المشكلات القلبية التي تعرض لها كريستيان إيركسين لاعب وسط منتخب الدنمارك في بطولة كأس الأمم الأوروبية في الصيف الماضي، وذكر طبيب نادي بايرن ميونيخ أن مشكلات القلب تضرب اللاعبين بسبب التدريبات بشكل مكثف حيث يؤدي الأدرنالين والجفاف إلى خطر التسبب في توقف القلب.
وبحسب صحيفة «ذا صن» البريطانية يتوفى اثنين من بين كل 100 ألف لاعب، ولكن الدراسة الأخيرة تفيد بأن الرقم أعلى ويصل إلى سبعة من بين كل 100 ألف لاعب.
من جانبه صرح أخصائي أمراض القلب البروفيسور سانجاي شارما -من خلال دراسة أعلنت عنها جامعة سانت جورج في لندن- بأن معدلات الوفيات في الملاعب أكبر من الأرقام المذكورة.
وقال الدكتور زاف إقبال، طبيب في نادي كريستال بالاس، إن سبب زيادة الوفيات يرجع لغياب المسعفين والمعدات الطبية عن العديد من الملاعب، مشدداً على ضرورة وجود سيارة إسعاف مجهزة في الملاعب مع خضوع اللاعبين للفحص الطبي بشكل مستمر.
دراسة تكشف عن نتائج مروعة
أجرى استشاري أمراض القلب الدكتور أنيل مالهوترا، دراسة على لاعبين شباب على مدى 20 عاماً (بين عامي 1997 و2016) حيث خضع لاعبون لفحص تخطيط كهربائي للقلب ومسح بالموجات فوق الصوتية للقلب (echocardiogram) فكانت النتائج مروعة.
كان لدى 42 لاعباً أمراض قلبية يمكن أن تسبب الموت القلبي المفاجئ، ولم تظهر عليهم أي أعراض قبل الاختبار وخضع 30 من أصل 42 لاعباً لعملية جراحية أو علاج آخر لعيب في القلب، وتمكنوا من العودة للعب كرة القدم، لكن الـ12 الآخرين توقفوا عن اللعب نهائياً.
وتوفي 8 لاعبين شملتهم الدراسة بسبب أمراض القلب أثناء التمرين: 6 من الحالات التي لم يتم اكتشافها خلال الفحوصات، واثنان تم تشخيص إصابتهما باعتلال عضلة القلب الضخامي، وتم نصحهما بعدم ممارسة الرياضة التنافسية.
التكاليف المالية أزمة كبيرة
يدور جدل كبير بين مؤيدين ومعارضين لإجراء فحوصات قلب ومتابعة يومية للاعبي كرة القدم لخفض حالات الموت المفاجئ بسبب السكتات القلبية، فيما تعارض أصوات أخرى وتشكك في مدى نجاعة الأمر، إلى جانب التكاليف المرتفعة التي ستتكبدها الأندية من إجراء المزيد من الاختبارات للاعبيها وتوصي بالقيام بالفحوصات بشكل دوري، وتوفير المساعدة والمتابعة فقط عند حاجة اللاعب لذلك.
من المحتمل أن يكون هناك نقاش مستمر حول الأزمات القلبية المتزايدة بين لاعبي القدم، إلا أن الدراسة التي أجراها الدكتور مالهوترا تقدم دليلاً على أن الاكتشاف المبكر سيساهم بشكل كبير في إنقاذ أرواح عدة لاعبين.