لم تكن أسعار معادن كالذهب أو الفضة هي الأكثر حركة، خلال العام الجاري، ولكن شهد سعر معدن مثل الروديوم وهو معدن ثمين مشابه للبلاتين ارتفاعاً بعشرة أضعاف في منتصف 2021 أكثر مما كان عليه في يناير 2019.
الذهب
وذكر تقرير حديث صادر من شركة «إيكويتي جروب»، أن الذهب وهو المعدن النفيس الأشهر تراجع منذ بداية العام الجاري بحوالي 5%، وتأثرت الأسعار مؤخراً بشكل كبير خاصة بالأحاديث حول احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع قريب لأسعار الفائدة في ظل الارتفاع المستمر في التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته في 39 عاماً، ما جعل المعدن الأصفر من الأصول الأسوأ أداء في عام 2021.
ووفقاً للتقرير، تستقر التداولات حالياً أعلى بقليل مستويات الـ1,790 دولاراً للأونصة، وقد تظل الضغوط البيعية هي المسيطرة طالما بقيت تداولاته دون مناطق الـ1,800 دولار للأونصة، لتُصبح مستويات الـ1,750/1,720 دولاراً هي الأقرب.
وأشار التقرير إلى أن الأمر الإيجابي الذي قد يُبقي على ارتفاعات الذهب على المدى القصير إلى المتوسط، هي العوائد الحقيقية، ففي ظل التضخم المرتفع وانخفاض العوائد في الوقت الحالي تبقى العوائد الحقيقية في النطاق السالب وهو ما قد يُبقي على بعض القوى الشرائية، ومع بداية رفع أسعار الفائدة قد يبدأ المستثمرون في التحول من حيازة الذهب إلى الأصول التي تدفع فائدة.
الفضة
أما الفضة، فقد سجلت هذا العام أعلى مستوياتها على الإطلاق في شهر فبراير عند 30 دولاراً للأونصة، قبل أن تُسيطر التقلبات على سوق الفضة خلال العام لتفقد حوالي 13% من قيمتها.
وتأثر أداء الفضة بشكل كبير خلال الربع الثالث نتيجة للركود الذي تفاقم نتيجة لأزمات سلاسل التوريد التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا والطلب الصناعي المتقطع على المعدن الأبيض.
وظلت أسعار الفضة فوق نطاق الـ25 دولاراً للأونصة خلال النصف الأول من العام تقريباً، قبل أن تتراجع بنحوٍ ملحوظٍ في يونيو الماضي، لكنها ظلت أعلى مستويات الـ20 دولاراً للأونصة للمرة الأولى منذ عام 2014، وتستقر حالياً بالقرب من مستويات الـ23 دولاراً للأونصة، بحسب التقرير.
ووفقاً للتقرير، ساهم في ذلك التراجع بالطبع إشارة البنوك المركزية إلى تخفيف التحفيزات النقدية في الأسواق بما في ذلك الفيدرالي الأمريكي الذي خفّض بالفعل 30 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر، وسيقوم بخفض 30 ملياراً أخرى شهرياً بداية من شهر يناير حتى مارس ليُنهي بذلك برنامج شراء السندات والذي كانت تبلغ قيمته الشهرية 120 مليار دولار.
البلاديوم والبلاتين
وبالنسبة للبلاديوم، فهو في طريقه لتسجيل أول انخفاض على أساس سنوي منذ 6 سنوات. وكذلك الحال بالنسبة للبلاتين، فهو في الطريق لتحقيق أول خسارة له منذ 3 سنوات، ويرجع التأثير السلبي على كلا المعدنين نتيجة لنقص رقائق أشباه الموصلات، ومع ذلك كان أداء البلاتين أفضل من البلاديوم هذا العام، وقد يكون مُقوماً بأقل من قيمته الحقيقية مقارنة بكل من البلاديوم والذهب.
وذكر التقرير أنه وبالنظر للنقص في رقائق أشباه الموصلات والتي تُستخدم في إنتاج السيارات، ويُعد الاستخدام الرئيسي للبلاديوم في المحولات الحفازة للسيارات التي تعمل بالبنزين، لذا فإن الخسارة الأكبر في الطلب كانت عليه مقارنة بالطلب على البلاتين الذي يُستخدم في المحولات الحفازة للسيارات التي تعمل بالديزل، وعالمياً هناك عدد أكبر بكثير من السيارات التي تعمل بالبنزين مقارنة بتلك التي تعمل بالديزل.
وفقد البلاديوم أكثر من 40% من قيمته هذا العام، متراجعاً من أعلى مستوياته على الإطلاق عند 3,017 دولاراً للأونصة، ليستقر حالياً حول مستويات الـ1,822 دولاراً للأونصة. أما بالنسبة للبلاتين فقد تراجع من أعلى مستوياته في 2021 حول الـ1.337 دولاراً، ليتداول حالياً أدنى بقليل من الـ1,000 دولار للأونصة.
الروديوم
وأما عن معدن الروديوم، والذي يُعرف بأغلى معدن نفيس على كوكب الأرض والتي استقرت أسعاره مؤخراً بعد تعافيها في منتصف شهر سبتمبر بعد انهيار حاد، ليتداول مؤخراً حول مستويات الـ14,000 دولار للأونصة، وظلت الأسعار تحت الضغوط نتيجة القيود المفروضة على إنتاج السيارات بسبب النقص في أشباه الموصلات.
وكان المعدن النفيس قد سجل أعلى مستوياته على الإطلاق في مارس الماضي بالقرب من مستويات الـ30,000 دولار للأونصة، وأدى انخفاض إنتاج السيارات إلى انخفاض الطلب على المعدن، لذا شهدت الأسعار انخفاضاً منذ منتصف مايو لتُسجل أدنى مستوياتها في العام الحالي حول مستويات الـ11,250 دولاراً للأونصة، بحسب ما ذكر تقرير «إيكويتي جروب».
وتوقع أن يعود إنتاج الروديوم لطبيعته هذا العام، إلا أنه قد تشهد الأسواق عجزاً بنحو 31 ألف أونصة نتيجة لتعطل الإنتاج في جنوب أفريقيا التي تُعد أكبر منتج له تليها روسيا.
توقعات 2022
وبالنسبة لتوقعات العام القادم، فقد ذكر التقرير أن الذهب على سبيل المثال قد تعتمد تحركاته بشكل كبير على استجابة الأسواق للتضخم وسياسات البنوك المركزية، وربما يتلقّى المعدن الأصفر بعض الدعم خلال النصف الأول من عام 2022، إلا أنه قد يتعرض لقوى البيع مع احتمالية قيام الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام وفقاً لأغلب التوقعات.
وستكون عودة الأسعار من جديد أعلى مستويات الـ1,900 دولار للأونصة مفتاحاً لاستهداف مناطق الـ1,960 دولاراً ومن ثم 2,000 دولار مجدداً، أما في طريق الهبوط فسيكون المفتاح هنا هي مستويات الـ1,760 والتي بكسرها سيُمهد الطريق لمستويات الـ1,720 دولاراً ومن ثم 1,680 دولاراً للأونصة، بحسب التقرير.
أما الفضة، فعلى الأرجح أنها ستتبع الذهب إلا أنها تحركاتها قد تكون أعنف قليلاً لارتباطها بالطلب الصناعي والذي من المتوقع أن يتعافى لمستويات ما قبل الجائحة بنهاية عام 2021، ما قد يُعزز الطلب خلال العام القادم، حيث تتجه أغلب التوقعات أن يتفوق أداء الفضة على الذهب، وربما نشهد زيارة لمستويات الـ 25 و30 دولاراً للأونصة، وسيدعم بقاؤها أعلى مستويات الـ20 دولاراً وجهة النظر تلك، وما غير ذلك قد يدفع الأسعار مجدداً لمناطق الـ14/15 دولاراً.
من ناحية أخرى، قد يُعيق انتشار المتحور الجديد من فيروس كورونا «أوميكرون» من عمليات التعدين على البلاديوم، وخاصة في جنوب أفريقيا التي تُعد ثاني أكبر منتج للمعدن في العالم.
ومن جانب الطلب قد تظل أزمة نقص الرقائق خطراً قائماً للبلاديوم، وعلى جانب آخر مخاطر الاستخدام المتزايد للسيارات الكهربائية واستبداله بالبلاتين. ومن جانب العرض، فقد يشهد الإنتاج عجزاً خلال عام 2022، حيث قد يتجاوز الاستهلاك الإنتاج.
ووفقاً لتوقعات جي بي مورجان، فقد يصل متوسط سعر البلاديوم في عام 2022 حوالي 2,063 دولاراً للأونصة، فيما يرى مورجان ستانلي متوسط أسعار البلاتين حول مستويات الـ1237 دولاراً للأونصة.