أفكار
ستظل قيمة اللغة العربية الأسمى، أنها لغة القرآن الكريم التي خاطب بها المولى سبحانه وتعالى عباده في كل مكان، وجعل نصوص القرآن المتعبد بتلاوتها باللغة العربية إلى يوم الدين.
وقد احتفل العالم أجمع باليوم العالمي للغة العربية يوم 18 ديسمبر الجاري، وعلى رأس الجميع كانت منظمة الأمم المتحدة، بكلمة ألقاها الأمين العام أنطونيو غوتيريس وبدأها بكلمة «السلام عليكم»، وأشاد خلالها بأنها لغة غنية ونابضة بالحياة وإحدى أقدم اللغات التي نطق بها البشر منذ فجر التاريخ، وأنها ربطت بين الشعوب من خلال الأدب والموسيقى والشعر والفلسفة، وهي لغة التواصل الشائعة في مجالات التجارة والفن والعلم.
كما أشار إلى أن اللغة العربية وحدت مئات الملايين من الناس في 22 دولة ناطقة بالعربية، وتربط بين نحو بليوني مسلم يستخدمونها في صلواتهم ودعائهم، وفي الأمم المتحدة تساهم اللغة العربية يومياً في التواصل المتناغم بين الشعوب والأمم.
ونعتز في وطننا العربي بلغتنا العربية التي يتحدثها بشكل يومي أكثر من 450 مليون عربي، ويتحدثها بشكل كلي أو جزئي أضعاف ذلك الرقم، في جميع أنحاء العالم، بما يجعلها من أكبر خمس أو ست لغات في العالم بعد الإنجليزية والصينية والهندية والإسبانية.
وقد أسعدني شخصياً، أن تكون العربية من اللغات المعترف بها في أهم المنظمات العالمية، كما أسعدني أن يصل ذلك للاتحاد الدولي لكرة القدم«الفيفا»، ولكني أحببت أن أقف لتحليل تصريح للسويسري جياني إنفانتينو رئيس الفيفا، إبان وجوده بالدوحة متابعاً لكأس العرب، عندما قال إنه سيتقدم باقتراح لاعتبار اللغة العربية لغة رسمية بالفيفا.
وبالتأكيد أشكر إنفانتينو على مجاملته، وقد سبق له أن عمل مع أحد المستثمرين العرب لفترة من حياته، كما أنه متزوج من لبنانية عربية، وهو من هواة إجادة العديد من اللغات، وبدا أنه يتعلم اللغة العربية بجدية، ويتحدث حالياً ببعض الكلمات والعبارات، وأعتقد أنه في سبيله لإجادة العربية بشكل كبير خلال كأس العالم القادمة بالدوحة، لإدراكه أهمية اللغة العربية، وكثرة تواجده ضيفاً على العديد من الدول العربية في الشهور الأخيرة.
ولكني أحب أن أوضح لانفانتينو أن اللغة العربية، موجودة بقوة منذ سنوات طويلة في الفيفا، تربو على 16 عاماً، حيث إنها لغة رسمية على موقع الفيفا، حيث توجد نسخة كاملة باللغة العربية، كما حصلت اللغة العربية على الاعتراف بها منذ سنوات، كأحد سبع لغات رسمية أساسية يمكن التخاطب من خلالها، مثل الإنجليزية والفرنسية الإسبانية والألمانية والبرتغالية والروسية، ضمن مؤتمرات الكونغرس أو الجمعيات العمومية للفيفا، رغم سيطرة اللغات الأساسية الأربع للفيفا وهي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، على الوثائق الخاصة بالقرارات والبيانات واللوائح الأساسية.
وقد فأجات شخصياً، سيب بلاتر الرئيس السابق للفيفا عام 2006، بتوجيه سؤال له باللغة العربية خلال مؤتمر صحفي بطوكيو إبان بطولة كأس العالم للأندية التي كان الأهلي المصري مشاركاً بها، وصاحبت سؤالي بترجمة إنجليزية، وقد تفاجأ وأخبرني أن العربية ليست لغة رسمية في الفيفا، رغم أنها تمثل إحدى لغات موقع الفيفا، ولكن بعدها تم الاعتراف بها في مؤتمرات الكونغوس، وكررت أسئلتي بالعربية مصحوبة بترجمتي بالإنجليزية في أكثر من مؤتمر لرجالات الفيفا، وأعتقد أن إنفانتينو ينبغي أن يوضح ما سيقدمه بالضبط للغة العربية، دون التلاعب بعواطفنا، فهل ستكون العربية اللغة الخامسة الأساسية مع الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، المدون بها جميع مكاتبات وقرارات الفيفا؟
وأخيراً لابد أن نعلم أن الإنجليزية هي اللغة الأولى والمهيمنة في الفيفا، وهي المرجع الأول في حالة الاختلاف على أي ترجمة، كما أنها لغة محاضر الاجتماعات وأهم البيانات ودستور الفيفا، وأتمنى أن نهتم دائماً بالتحدث باللغة العربية في أروقة الفيفا مع مصاحبة ذلك بالترجمة الإنجليزية، حتى نظهر اعتزازنا باللغة العربية لغة القرآن الكريم.