تزامن تولي نجلاء بودن، رئاسة الحكومة التونسية، مع فتح مجموعة من ملفات الفساد في عدد من الوزارات، ما بعث الأمل في نفوس التونسيين على كشف كامل سوءات حكم الإخوان خلال 10 سنوات من حكمهم للبلاد. بحسب سياسيين تحدثوا لـ«الرؤية».
البداية كانت من محافظة سيدي بوزيد التي انطلقت منها الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية التي أسقطت نظام بن علي، وشملت التحقيقات مجموعة من المسؤولين في عدد من الوزارات، بتهم تدليس شهادات علمية، وانتدابات غير مطابقة للشروط، وسرقة المال العام، وتم الاحتفاظ بعدد منهم، فيما يتم التحقيق مع آخرين، ويتوقع أن تتسع التحقيقات لعدد أكبر.
وجددت قوى سياسية وحزبية ومؤسسات مدنية، عبر بيان قبل أيام، مطالبها للحكومة بإعادة فتح ملف مكافحة الفساد، في مقدمتها الحزب الدستوري الحر، وهيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، فضلاً عن 22 جمعية ومؤسسة مجتمع مدني.
ويتم التحقيق مع أكثر من 100 معلم (الصف الابتدائي ) و أستاذ (الصف الثانوي) تم انتدابهم بطرق غير قانونية، ويواجه عدد من المشمولين بالتحقيق تهماً بتلقي رشاوى من أجل الانتدابات في الوظيفة.
وكان عدد من الناشطين في المجتمع المدني أثاروا قضية الفساد في الإدارة الجهوية للتربية (التعليم) في محافظة سيدي بوزيد منذ شهر مايو 2020، لكن وزارة التربية تجاهلت الموضوع آنذاك، قبل أن يتم فتحه نهاية الأسبوع الماضي، وإيقاف المدير الجهوي الحالي والسابق أيضاً.
وفي هذا السياق قالت هند بالحاج علي، إحدى مؤسسي مبادرة «تونسيون من أجل قضاء عادل» إنها على يقين من أن الحرب على الفساد هذه المرة لن تتوقف، وهي معركة جدية غير معنية باستهداف الأشخاص مثل ما حدث في 2011 و 2016، بل معنية برصد ملفات الفساد في المؤسسات، مهما كان الشخص المعني بها.
وأشارت بالحاج في حديثها لـ«الرؤية» إلى أن هناك تأنياً كبيراً في فتح الملفات حتى لا يظلم أحد، وكل شيء سيكون خاضعاً للتدقيق والوقائع.
في السياق ذاته قال القاضي، وليد الوقيني، الذي شغل منصب محافظ في 2015، إن الفساد خلال العشرية السابقة لحكم الإخوان شمل كل القطاعات، ولا يمكن أن يصلح حال البلاد ما لم يتم القضاء على هذا الداء الذي تتحمل الطبقة السياسية التي حكمت البلاد مسؤوليته، وخاصة أن هناك جهازاً سرياص للإخوان في تونس.
وترسم معلومات أفرجت عنها سلطات التحقيق التونسية خلال الأعوام الماضية وجود جهاز سري للإخوان، يضم جهازاً استخباراتياً داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر دمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، وأخذوا موقعاً في وظائف حساسة على غرار مصلحة إدماج المعطيات للمركز الوطني للإعلام، التي تقع في قلب منظومة الانتخابات في البلاد.
وكانت النيابة التونسية أعلنت في 2019، فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة جهازاً سرياً أمنياً موازياً للدولة، واتهم هذا الجهاز بضلوعه في اغتيال بلعيد و البراهمي.
واعتبر الوقيني في تصريحه لـ«الرؤية» أن الرئيس قيس سعيد أعلن الحرب على الفساد الذي أصبح خطراً جاثماً يهدد الدولة، ولن يكون بإمكانه التراجع.
وفي سياق متصل قال المحلل السياسي، خليفة بن سالم، في تصريح لـ«الرؤية» إن الرئيس التونسي يضع مقاومة الفساد على رأس أولوياته، فلا يمكن الحديث عن التنمية مع تغلغل الفساد وغياب المحاسبة، وتدخل الرئيس يجعل من محاربة الفساد باباً لتحقيق التنمية، وهو ما ينتظره الشارع التونسي.