أعلن القياديان المستقيلان من حركة النهضة الإخوانية، الوزير الأسبق للصحة، عبداللطيف المكي، وعضو مجلس نواب الشعب المجمد، سمير ديلو، عن تأسيس حزب جديد ذي هوية مستقلة، يضم مجموعة كبيرة من المستقيلين من حركة النهضة، في خطوة اعتبرها سياسيون تحدثوا لـ«الرؤية» أنها محاولة من الإخوان للتستر على ملفات فسادهم، واستباق الضربات الأمنية والسياسية.
وتزامن الإعلان عن الحزب الجديد مع قرار عضو مجلس نواب الشعب، وأحد المقربين للغنوشي، يمينة الزغلامي، الانسحاب من الحياة السياسية.
ويعد الحزب وجهة المستقيلين من حركة النهضة الإخوانية في 25 سبتمبر الماضي، والتي تضم 113 عضواً من قيادات الحركة على المستوى الوطني (وزراء برلمانيون، أعضاء مكتب تنفيذي، أعضاء مجلس شورى) بعد أن استفرد الغنوشي ومقربون منه بسلطة القرار داخل الحركة.
وطالت الاستقالات الجماعية التي عرفتها الحركة منذ العام الماضي أسماء كبيرة في الحركة أبرزها مؤسسها عبدالفتاح مورو، ومستشار الغنوشي ومدير مكتبه سابقاً، والوزير السابق لطفي زيتون، وعبدالحميد الجلاصي الذي تولى مناصب قيادية بارزة.
وجهة أخرى
وأثارت الخطوة التي أعلنها المكي وديلو الكثير من الجدل حول مدى استقلالية الحزب الجديد عن حركة النهضة وزعيمها الغنوشي، وجدية القطع مع الإخوان، وفي هذا السياق قال المتخصص في شؤون الحركات الإخوانية، أنس الشابي لـ«الرؤية» إن الحزب الجديد المزمع تأسيسه ليس إلا واجهة جديدة للإخوان الذين لا يغيرون جلدهم، لكنهم يغيرون الوجوه والأسماء فقط.
وتساءل الشابي ما هو موقف المكي من المشروع العقائدي والرؤية الفكرية التي تتبناها حركة النهضة منذ مؤتمرها الخامس أو السادس؟ وما هو مشروعه السياسي؟ مؤكداً أن المكي لن يجيب على تلك التساؤلات، التي تحدد إجاباتها طبيعة هذا الحزب.
وأضاف الشابي أن الإخوان استشعروا الخطر بعد 25 يوليو؛ خوفاً من فتح ملفات فسادهم، لذلك قاموا بهذه الخطوة، وهي نفسها التي فعلها الإخوان في مصر عندما أسسوا حزب الوسط.
حمل كاذب
وفي السياق ذاته قال المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة، منذر بالضيافي، إن ما تقوم به النهضة اليوم هو هروب إلى الأمام، وإنكار للواقع الجديد بعد ثورة 25 يوليو.
وأضاف بالضيافي لـ«الرؤية» أن الحديث عن استقالات وتأسيس حزب جديد ليس إلا تقية سياسية للتخفيف من حجم الخسائر واستباق كل ضربة أمنية أو سياسية في المستقبل، وبالتالي فإن هذه الاستقالات سيكون مصيرها حملاً كاذباً، مثل المراجعات التي سبق الإعلان عنها، وكلها مناورات للتمكين، خاصة داخل أجهزة الدولة وفي الإدارة.
وقال بالضيافي إن اللافت للنظر هو أن الأسماء المعلنة مع الحزب الجديد غالبيتهم قيادات على يمين المرشد فكرياً وسياسياً، وبالتالي لن تكون لها إمكانيات تأسيس حزب محافظ ديمقراطي، وهم أقرب إلى التيار المتشدد والمنغلق في جماعة إخوان تونس، كما أنه لابد من الإشارة إلى أن كل من خرج من جلباب النهضة والغنوشي فشل في بناء حزب قادر على أن يكون بديلاً عن النهضة.
وسبق الحزب الجديد الذي سيعلن عنه قريباً، إعلان القيادي في الحركة، ومستشار الغنوشي، رياض الشعيبي، عن تأسيس حزب باسم، البناء الديمقراطي، وذلك عقب استقالته من الحركة، شارك به في انتخابات 2014، لكنه لم يحصل على أصوات تذكر، قبل أن يعلن الشعيبي حل الحزب والعودة إلى النهضة.
إعادة التموقع
من جهة أخرى، اعتبر المحلل السياسي، وأستاذ التاريخ المعاصر في جامعة منوبة، الدكتور عبدالجليل بوقرة، أن حركة النهضة في شكلها القديم انتهت، ونحن نشهد الآن نسخة جديدة منها، لكن هذه النسخة ليست في قطيعة مع الإخوان.
وقال بوقرة لـ«الرؤية» إن الحزب الجديد سيجمع وجوهاً من النهضة ومقربين منها مثل الرئيس المؤقت منصف المرزوقي، وبعض الذين يرفعون شعار الديمقراطية، الذي تجيد الحركات الإخوانية توظيفه والاستفادة منه.
وأشار بوقرة إلى أن الحزب الجديد هو محاولة لإعادة التموقع في الحياة السياسية بلافتة جديدة، محذراً من أن غياب وجود قانون واضح يمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني، ويحاسب الجمعيات وتمويلاتها، سيؤدي إلى استمرار هيمنة الإخوان على البلاد، وإن تغيرت مسمياتها.