يتصدر السودان المشهد السياسي منذ منتصف الأسبوع الجاري، بعد اعتقالٍ مفاجئٍ لعدد من الأعضاء المدنيين في الحكومة الانتقالية، تلاه إعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان حل مجلس السيادة والحكومة وتجميد 5 بنود من الوثيقة الدستورية.
تطوراتٌ لم تكن سوى انفجار لوضع متردٍّ منذ 17 سبتمبر الماضي مع تفاقم التوتر بين أنصار المكونين المدني والعسكري وخروج خلافات الجانبين من الغرف المغلقة إلى الشوارع والميادين في مختلف مدن وأنحاء السودان التي ضجت طوال الأسابيع الماضية -ولا تزال- بالمظاهرات والاعتصامات.
الفريق البرهان في تصريحاته للصحفيين، عقب الأحداث الأخيرة، أكد أن ما اتخذه من قرارات جاء لـ«تجنب حرب أهلية»، متهماً قوى سياسية بالتحريض ضد القوات المسلحة. لكنه أكد في الوقت نفسه دعمه لمبادرة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، التي قال إنه «تم اختطافها من جانب مجموعة صغيرة».
فمن هي تلك القوى المتهمة بالتحريض؟ ومن هي المجموعة الصغيرة التي اختطفت مبادرة حمدوك ومن هم اللاعبون الأساسيون الآن في المشهد السياسي السوداني؟
«سياحة حزبية»
منذ عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، يشهد السودان ظاهرة «السياحة الحزبية»، وتعني كثرة انتقال السياسيين بين الحزب والآخر، فيما يعاد تشكيل القوى السياسية نفسها بين الحين والآخر، بالاندماج تارة، وبالانفصال تارات.
ليس أدل على ذلك من انشقاق الحزب الشيوعي عن «الحرية والتغيير»، ثم انفصال حزب الأمة أيضاً عن «الحرية والتغيير»، ومن ثم عودته إليه مرة أخرى.
ظاهرة وصفتها الكاتبة السودانية منى عبدالفتاح بأنها جعلت من أغلب الأحزاب «هجيناً أيديولوجياً ذابت فكرته المؤسسية بين الانتماءات»، في إحدى مقالاتها مؤخراً.
«روح القبلية»
وكان البرهان، في حديثه عن حمدوك، قد أكد أن هناك من القوى السياسية من «كانت تكبّله في عمله»، ما جعل التحركات الأخيرة أمراً ضرورياً لـ«تصحيح مسار» ثورة ديسمبر 2019.
وبشكل عام، يصل عدد الأحزاب في السودان إلى نحو 100، غير أن المحركين السياسيين هم الأحزاب «العريقة» بكل ما تواجهه من مشكلات. وتصف عبدالفتاح التكوين الحزبي السوداني بأنه يتسم «بروح القبلية والجهوية».
حتى 2019، كانت الخريطة السياسية للقوى الفاعلة في السودان تتشكل من الأحزاب التقليدية مثل: