د. سميرة الحوسني باحثة وتربوية - الإمارات
هل يحتاج الفرد أن ينتظر دهراً حتى يصل لمرحلة الحياة المهنية، كي يُظهر خبراته التعليمية ومن ثم يمارسها؟!
لعل بياجيه أدرك ذلك منذ زمن، ولا أقصد بصاحب الاسم هنا جورج بياجيه (الجواهرجي) الأشهر عند شعوب العالم المتمدن، ولكنني قصدتُ بالاسم عالم النفس التربوي ومؤسس نظرية التطور المعرفي جان بياجيه، وبالرغم من أن الاسمين أحدثا تطوراً فريداً في مجالين مختلفين، فإن ما أدركه عالِمُنا جان بياجيه كان بمثابة سلسلة متصلة ومتطورة بالفعل للإدراك المعرفي عند الإنسان، تحت مختلف الظروف التربوية والتعليمية المحيطة بالفرد بمختلف الأزمنة، والغريب أن بياجيه لم يقصد بصورة مباشرة أن مراحل التطور المعرفي، يجب أن تُحدَّد بعُمر المتعلم، وفي كثير من التجارب العملية على نظرية التطور المعرفي، اتضح أن المتعلم يستطيع الوصول لمراحل متطورة في الفترة الزمنية ذاتها، وذلك لا يتأتى إلا بالممارسة.
وفيما يتعلق بدولة الإمارات، فإن المناهج التعليمية لم تتوقف عن التطور على مدى خمسين عاماً، حتى وصلت مع عصر الذكاء الاصطناعي لمرحلة التكامل بين البيداغوجيا والأندراغوجيا، وقد يتساءل القارئ ما المقصود بهذه المصطلحات، وبالأخص القارئ من غير الحقل التربوي، وبأكثر تعبير مختصر نستطيع القول بأن البيداغوجيا هي طرق التدريس التربوي عن طريق المعلم كمحور للعملية التعليمية، في حين أن الأندراغوجيا هي وجود المُتَعلِّم «الطالب» كمحور للعملية التعليمية وبأساليب وطرق تعلم من الطرفين، وقد يكون تفسيري هنا للأندراغوجيا مثالياً بعض الشيء، ومثيراً للإعجاب، من خلال ما يتيحه من فرص للجميع لخلق عملية تعليم بحسب الرغبة والميول والمهارات،
إلا أن حقيقة الأندراغوجيا كنظرية تم تأسيسها منذ قرنين ليست كذلك تماماً، لأنها كانت قد وُضعت للراشدين والناضجين بشكل خاص، ولكننا في حقل التربية والتعليم ليس بوسعنا التعامل مع النظريات التربوية في مختبر علوم الأحياء أو الكيمياء مثلاً، بل إن النظريات التربوية التعليمية -عموماً- قابلة للتمدد أو الانصهار أو الانكماش أو التضاؤل أو التطور حتى نشوء نظريات أخرى من جديد.
وهكذا أصبح التعليم في دولة الإمارات بعد كل هذه الانشطارات والتطورات في المحتوى، يعتمد على الممارسة الفعلية للخبرات التعليمية، من خلال مناهجه العلمية في يد المتعلم، وفي وقت مبكر جداً قبل حياته المهنية، وكل ذلك أصبح متشكلاً عبر أكاديميات المدرسة الإماراتية، ولستُ بصدد ذكر أنواع المسارات الأكاديمية في المدرسة الإماراتية هنا، حيث إنه بضغطة زر على محرك البحث، يستطيع كل شخص التعرف إلى مساراتها المتنوعة والتي توسّعت في المجال التطبيقي، لتصل إلى 60% في الوقت الحالي، تُشكِّل بذلك فرصاً أكثر لاحتواء كافة أنواع التعليم وأنظمته في الدولة، تحت إطار تميز المنظومة الإماراتية التعليمية.
إن الهندسة والتطبيقات والفنون الجميلة والأدائية والعلوم الإنسانية وغيرها الكثير من المسارات العلمية تستطيع أن تشهد تجارب المنظمين لها من المُتعلمين «الطلاب» في مراحل التمدرس، والتي قلبت الصورة النمطية لهذه المراحل المترسخة في أذهان الكثيرين بمشهد مواد دراسية فقط، وفي حين أن هذه الأكاديميات يتنوع فيها المحتوى بتنوع المهارات التي تحتم على المتعلم الممارسة وعرض الخبرات التعليمية على طريقة الباحث العالِم وليس المتلقي الثابت.
خمسون عاماً كانت فيها هندسة التعليم في دولة الإمارات ومناهجه، عجلة التغيير المنتظمة لمراحل سبقت الخمسين بخمسين عاماً وأكثر.
شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: alsaha@alroeya.com
هل يحتاج الفرد أن ينتظر دهراً حتى يصل لمرحلة الحياة المهنية، كي يُظهر خبراته التعليمية ومن ثم يمارسها؟!
لعل بياجيه أدرك ذلك منذ زمن، ولا أقصد بصاحب الاسم هنا جورج بياجيه (الجواهرجي) الأشهر عند شعوب العالم المتمدن، ولكنني قصدتُ بالاسم عالم النفس التربوي ومؤسس نظرية التطور المعرفي جان بياجيه، وبالرغم من أن الاسمين أحدثا تطوراً فريداً في مجالين مختلفين، فإن ما أدركه عالِمُنا جان بياجيه كان بمثابة سلسلة متصلة ومتطورة بالفعل للإدراك المعرفي عند الإنسان، تحت مختلف الظروف التربوية والتعليمية المحيطة بالفرد بمختلف الأزمنة، والغريب أن بياجيه لم يقصد بصورة مباشرة أن مراحل التطور المعرفي، يجب أن تُحدَّد بعُمر المتعلم، وفي كثير من التجارب العملية على نظرية التطور المعرفي، اتضح أن المتعلم يستطيع الوصول لمراحل متطورة في الفترة الزمنية ذاتها، وذلك لا يتأتى إلا بالممارسة.
إلا أن حقيقة الأندراغوجيا كنظرية تم تأسيسها منذ قرنين ليست كذلك تماماً، لأنها كانت قد وُضعت للراشدين والناضجين بشكل خاص، ولكننا في حقل التربية والتعليم ليس بوسعنا التعامل مع النظريات التربوية في مختبر علوم الأحياء أو الكيمياء مثلاً، بل إن النظريات التربوية التعليمية -عموماً- قابلة للتمدد أو الانصهار أو الانكماش أو التضاؤل أو التطور حتى نشوء نظريات أخرى من جديد.
وهكذا أصبح التعليم في دولة الإمارات بعد كل هذه الانشطارات والتطورات في المحتوى، يعتمد على الممارسة الفعلية للخبرات التعليمية، من خلال مناهجه العلمية في يد المتعلم، وفي وقت مبكر جداً قبل حياته المهنية، وكل ذلك أصبح متشكلاً عبر أكاديميات المدرسة الإماراتية، ولستُ بصدد ذكر أنواع المسارات الأكاديمية في المدرسة الإماراتية هنا، حيث إنه بضغطة زر على محرك البحث، يستطيع كل شخص التعرف إلى مساراتها المتنوعة والتي توسّعت في المجال التطبيقي، لتصل إلى 60% في الوقت الحالي، تُشكِّل بذلك فرصاً أكثر لاحتواء كافة أنواع التعليم وأنظمته في الدولة، تحت إطار تميز المنظومة الإماراتية التعليمية.
إن الهندسة والتطبيقات والفنون الجميلة والأدائية والعلوم الإنسانية وغيرها الكثير من المسارات العلمية تستطيع أن تشهد تجارب المنظمين لها من المُتعلمين «الطلاب» في مراحل التمدرس، والتي قلبت الصورة النمطية لهذه المراحل المترسخة في أذهان الكثيرين بمشهد مواد دراسية فقط، وفي حين أن هذه الأكاديميات يتنوع فيها المحتوى بتنوع المهارات التي تحتم على المتعلم الممارسة وعرض الخبرات التعليمية على طريقة الباحث العالِم وليس المتلقي الثابت.
خمسون عاماً كانت فيها هندسة التعليم في دولة الإمارات ومناهجه، عجلة التغيير المنتظمة لمراحل سبقت الخمسين بخمسين عاماً وأكثر.
شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: alsaha@alroeya.com