أكد سياسيون لبنانيون، أن ما حدث بلبنان منذ يومين من اشتباكات أمام قصر العدل، وما يحدث بها يومياً من انهيارات اقتصادية، يهددها بالوقوع في براثن حرب أهلية جديدة، موضحين أن القوى السياسية والحزبية الحاكمة أصبحت في مأزق، وانعدمت شرعيتها، في ظل فقدانها التأييد الشعبي يوماً بعد يوم، وعجزها عن علاج المشاكل والانهيارات الاقتصادية في لبنان.
وكانت اشتباكات قد وقعت من يومين، ووقع إطلاق نار بين منطقتي عين الرمانة، ومنطقة الشياح، أمام قصر العدل، خلال التظاهر ضد القاضي طارق بيطار، المحقق في قضية انفجار مرفأ بيروت.
وفي آخر المستجدات فيما يتعلق بقضية انفجار المرفأ، أعلن مجلس القضاء الأعلى في لبنان اجتماعه بالقاضي بيطار يوم الثلاثاء، من أجل الاستماع لرأيه حول مجرى التحقيق.
أحداث الطيونة
بعد الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الطيونة في ساعات متأخرة من يوم الجمعة، والتي أسفرت عن مقتل 7 أشخاص، دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى ضرورة الإسراع في التحقيقات الجارية لكشف ملابسات أحداث الطيونة وإحالة المتسببين إلى القضاء.
ونفى زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن حزبه خطط لتنفيذ أعمال العنف التي وقعت في منطقة الطيونة.
وقال سمير جعجع، في مقابلة مع «صوت بيروت انترناشونال»، إنه عقد اجتماعاً في اليوم السابق لأعمال العنف، وكان الاجتماع سياسياً تماماً، وفقاً لما نقلته رويترز.
القوى في مأزق
وفي تصريح خاص لـ«الرؤية» قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بلبنان، الدكتور رائد المصري، إن ما جرى ببيروت منذ يومين من عمليات اشتباكات مسلحة، يوضح أن كل القوى السياسية والأحزاب الموجودة في لبنان و الحاكمة باتت في مأزق بسبب انعدام شرعيتها الشعبية، إلى جانب تعطل عمل مجلس الوزراء نتيجة المناوشات والمناكفات بين القوى السياسية والتشاجر على الحصص، خاصة أن عملية التحقيق من جانب القاضي طارق بيطار في قضية تفجير المرفأ طالت فيها الشبهات والاتهامات شخصيات ونواباً ووزراء من القوى السياسية الموجودة في لبنان والحاكمة، لافتاً إلى أنهم اعترضوا على القاضي الأول صوان فادي صوان، وقاموا بتنحيته، واليوم يريدون من القاضي بيطار أن يتنحى لأنه اتهم واشتبه بشخصيات سياسية أراد استدعاءها للتحقيق وإصدار مذكرات توقيف بحقها حال لم تأتِ، لافتاً إلى أن ما حدث من اشتباكات منذ يومين هو اعتراض على عمل القاضي وإرادة القوى السياسية والأحزاب، بتنحيته عن الملف، وهذا الأمر أدى إلى عشوائية وفوضى في التظاهرات أمام قصر العدل، وأدى إلى عمليات اشتباكات متبادلة بين قوى سياسية موجودة، وأنذر بحرب أهلية.
وأضاف«المصري»، أن هذه القوى قامت بالحشد والحقن المذهبي لكل الأطراف في محاولة لإعادة لم وجمع شعبيتها التي تهالكت وتهاوت نتيجة الواقع الاقتصادي والانهيارات الاقتصادية، إضافة إلى أنهم على أبواب انتخابات نيابية مقبلة، ويعتبرون أن القيام بهذا النوع من المشاكل وافتعالها والتهديد بحرب أهلية يمكن أن يلم شملهم الشعبي من أجل الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وأوضح، أن لبنان الآن أمام قوى سياسية أفلست على المستوى الحكومي وعلى مستوى معالجة الانهيار الاقتصادي، وعلى مستوى فقدان الحالة الشعبية التي كانت تعطيها الثقة في الانتخابات والاستحقاقات الانتخابية فقاموا بافتعال هذه المشاكل، لإحداث استقطابات مذهبية وطائفية، متناسين أن لبنان أمام انهيارات واضحة، أمام ارتفاع في أسعار الدولار لا سقف له، أزمات في المحروقات، أزمات في المدارس والمؤسسات التربوية، الطلاب حتى اليوم لم يدخلوا للمدارس، أمام انهيارات متكاملة، فهم يبحثون اليوم عن إعادة تحصين شعبيتهم، ولبنان واقع في حفرة عميقة من الانهيارات، وما زالت هذه السلطة السياسية تهدد الشعب اللبناني، بالحرب الأهلية، وبأمور أخرى أهلكت الشعب اللبناني، وصارت لبنان على المحك.
وأشارت الحقوقية اللبنانية، إيمان عيسى لـ«الرؤية» إلى أن ما حدث في لبنان من اشتباكات أمام قصر العدل، يعد «خطوط التماس» من الحرب الأهلية حيث وقعت مجزرة مروعة كسرت الشارع اللبناني وجعلته في حداد أليم، حيث خلفت حتى الآن 7 شهداء وأكثر من 40 جريحاً، لافتة إلى أن المواقف الرسمية لم تكن متناسبة مع خطورة وفظاعة المجزرة التي ترقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
وقال نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني، أحمد مرعي، لـ«الرؤية»، إن ما حدث من اشتباكات لاح بشبح الحرب الأهلية من جديد، حيث كادت هذه الاشتباكات المسلحة تطيح بالاستقرار وتدفع البلاد نحو اقتتال مسلح في استعادة لشرارة حرب أهلية كما شاهدناها عام 1975، مشيراً إلى أن الأوضاع المعيشية صعبه للغاية مع تصاعد الارتفاع بأسعار الدواء والمواد الغذائية وتدني قيمة الرواتب والأجور وبالتالي القدرة الشرائية للمواطن الأمر الذي سيؤدي إلى انفجار اجتماعي كبير يتوازى مع توترات سياسية وطائفية خطيرة، تضع لبنان أمام مفترق خطير قد يطيح بما تبقى من وجود الدولة اللبنانية بظل استثمار أطراف إقليمية هذه الأوضاع وتوظيفها في التجاذبات الإقليمية والدولية.
وأشار مرعي في تصريحه إلى أنه من الممكن أن تستثمر هذه الأحداث للإطاحة بالانتخابات النيابية والرئاسية القادمة.