في كتابه «الكوارث العالمية» يقدم بيل ماجواير خلال تمهيده «أين سينتهي كل شيء؟» تلك العلاقة التي تربط بين الإنسان وما يحيط به من طبيعة، وما يشوبها من تحديات وتقلبات، تظهر في أشكال قد تكون كارثية، فهذه العلاقة تمر بمنعطفات ذات تأثيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية، وسلطنة عمان بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تُعد من أكثر الدول تعرضاً للأعاصير في العالم، ما جعل لها تاريخاً حافلاً يحكي هذه العلاقة التأثيرية بين الإنسان والطبيعة.
الأمر الذي دفع العديد من المؤرخين للحديث عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي واكبت تلك الكوارث؛ منها ما ذكره الشيخ نور الدين السالمي في كتابه «تحفة الأعيان» عن الإعصار الذي ضرب عُمان في يوم الأحد الثالث من جمادى الأول من العام 251هـ، الموافق 865م، في عهد الإمام الصلت بن مالك، والذي تسبَّب في دمار مدن بأكملها وخلَّف الكثير من القتلى والمصابين والمشردين.
وقد ذكر ابن زريق في «الفتح المبين» العديد من تلك الكوارث وما تسببت فيه من آثار مدمرة، منها ما حدث في عام (1213هـ الموافق 1798م) من أمطار غزيرة استمرت لـ60 يوماً، وقبل ذلك حدثت العديد من الأعاصير والعواصف المدارية في عهود مختلفة، ويورد التاريخ العماني عبر الروايات الشعبية الكثير من تلك التأثيرات المناخية بمسميات خلدتها الذاكرة؛ منها ضربة «الشلي»، و«الأحيمر»، و«اللكيذب»، و«الكوي» وغيرها الكثير، وكلها ترتبط بالبحر خاصة وتقلباته من ناحية، وقدرة الإنسان العماني على مجابهة تلك التقلبات من ناحية أخرى.
وفي العصر الحديث مرَّ على السلطنة العديد من تلك الأعاصير منها الإعصار الذي ضرب جزيرة مصيرة والولايات المجاورة لها في (فجر يوم الاثنين الموافق 13 يونيو 1977) في عهد المغفور له السلطان قابوس بن سعيد «رحمه الله»، وقد تسَّبب في أضرار جسيمة في الجزيرة. بحسب ما ذُكر في صحيفة عمان في عددها 21. وهكذا فإن هذه الأعاصير التي شهدتها عُمان وتشهدها اليوم تحكي بما تسببه من تأثيرات اجتماعية واقتصادية بشكل خاص قدرة المجتمع العماني على إدارة المخاطر، والتكافل الاجتماعي الاقتصادي الذي يشهد له التاريخ العماني عبر العصور المختلفة التي واجه فيها تلك الأعاصير.
إن ما شهدته السلطنة من تأثيرات جراء الإعصار «شاهين» على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وما قدَّمه المجتمع من عمل تطوعي وتكافل، أسهم بشكل مباشر في إعادة إعمار المدن وإنمائها، وتأهيلها لتكون مدناً مرنة صامدة، قادرة على الاستدامة الحضارية.