حكايات صغيرة
معظم مدربي وإداريي ولاعبي فرق ومنتخبات كرة القدم يقدّمون بيانات إعلامية متفائلة قبل المباريات، ونادراً ما نجد تصريحات متشائمة، لأن البيانات التي تسبق المواجهات تهدف إلى رفع الروح المعنوية للاعبين وغرس الثقة في أنفسهم، لكن هذه التصريحات توضع تحت مشرط النقد بعد المباراة، خاصة عند الخسارة.
هل يوّد الجمهور سماع تصريحات مخيبة للآمال قبل المباريات؟ هل على المدرب أن يقول في المؤتمر الصحفي إنه فريقه سيخسر المواجهة أمام الفريق المنافس؟ ماذا نريد أن نسمع من كابتن الفريق قبل المباراة؟
التصريحات بدأت تُشّكل مشكلة للأجهزة الفنية واللاعبين لأن الجمهور يريد مطابقة الأقوال بالنتائج، وهذا لا يمكن حدوثه في كرة القدم بشكل دائم.
لو يصبح المؤتمر الصحفي التقديمي للمباريات اختيارياً لالتزم معظم المدربين الصمت، فهُم في غنى عن صراع مع الجمهور والإعلام بسبب كلام أو تصريح لا يتطابق مع الأداء والنتائج.
في المسابقات المحلية، فقدنا خلال السنوات الأخيرة التصريحات المثيرة الساخنة التي تُلهب الحماس، إلى أن أصبح كلام المدربين تقليدياً لا يحّرك ساكناً ولا يصنع إثارة، وهذا الموت السريري البطيء لفن التصريح سيُفقد المسابقات المحلية الكثير من سخونتها وإثارتها، وربما يجعلها باردة بعض الشيء، لذلك لا بد من الانتباه إلى هذا التحول، فكرة القدم في حاجة مستمرة إلى أحاديث ساخنة لا تخرج عن النص، لأن اللعبة الشعبية تستمد قوتها من جدل المختصين والجمهور والإعلاميين وغيرهم.
محاسبة المدربين على تصريحاتهم الفنية أمر غير حكيم في كرة القدم، لذلك، على الجميع إلغاء بند المحاسبة النقدية في هذا المجال، وتحفيز العاملين في قطاع الكرة على الحديث الفني الجريء لتسخين الأجواء قبل كل مواجهة، فالإثارة التي تحدث قبل المباراة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ربما تدفع اللاعبين لتقديم أداء أفضل، كما أنها تحفز عشاق اللعبة على المتابعة والمشاركة في خلق بيئة كروية أكثر جاذبية.
كرة القدم لعبة مثيرة وجميلة وساخنة، والتصريحات الباردة لا تليق بها أو بالأحرى تقتلها.