الاستبداد السيبراني يكمن في صيغ المراقبة والتجسّس ومن خلال فئة من الدّعائيين رقمياً
لا أحد يشك في أنّ حياة الإنسانية اليوم أصبحت خاضعة لسلطة رقمية تجاوزت كلّ السّلط التقليدية. كلّ حركاتنا منذ استفاقتنا صباحاً أصبحت مرهونة بالحوسبة السحابية لتأسيس هويتنا الرقمية، التي أضحت ضرورة حياتية لاستمرار وجودنا الاجتماعي.
هكذا كما يرى «برنارد هنكورت» انتقلنا من الأنا «الأنالوجي» إلى الأنا الرقمي وانتهى معنى الحميمية الفردية المتمثّلة في الخصوصية التي كانت لقرون تمثّل الاستقلالية الوجودية للفرد في علاقته بالخصوصيات الغيرية.
أصبحت هذه الخصوصية مكشوفة وعارية أمام وكالات الأمن القومي ووسائل التواصل الاجتماعي وشركات «سيلكون فالي» والهاكرز.
كلّ شيء فينا أصبح في ملكية الآخر مراقباً، فكيف نتحدّث عن مجتمع ليبرالي وديمقراطي وعن دولة ديمقراطية في سياق فقدان هذه الخصوصية الفردية وسيادة التجسّس والمراقبة؟
إنّ الأمر يتعلّق حسب رأي «إيبن موكلان» بظهور شكل مختلف للحكامة يعتبر الديمقراطية شكلاً تقليدياً لا يتماشى مع تصوّر الولايات المتحدة لما ينبغي أن تكون عليه حكامة العالم، لأنّ النّظام الدّيمقراطي الذي يحترم نفسه يغاير هذا الاتّجاه ولا يسمح بالمساس بخصوصية الأفراد والتحكّم في مصائرهم عن طريق المراقبة والتجسّس.
لقد نبّهنا «ألكسيس طوكفيل» منذ أواسط القرن الثّامن عشر أن غياب المقاومة المقننة اجتماعياً تؤّسس لاستبداد متجدّد للدولة، فقد تتحايل على الديمقراطية باسم المنجز العلمي وتجعل منه سلطة عابرة للسُلط التّي تعنيها الديمقراطية. كلام طوكفيل له وجاهته اليوم إزاء علاقة الدّولة المركزية بالتكنولوجيا الرقمية واستثمارها للكوارث والأوبئة لتثبيت نزعتها الاستبدادية التي ترتفع أمام فقدان المقاومة الذّاتية للمجتمع والأفراد، نظراً لشعورهم بالحاجة إلى حمايتهم القصوى.
أصبحت الديمقراطيات العريقة في العالم لا تشدّ على هذه الظرفيات، فالديمقراطية الأمريكية لم تعد تعني أكثر من ديمقراطية ناخبين أقلية نتيجة للعزوف عن التّصويت، على حساب النّاخبين المحتملين كفئة واسعة لها ثقة في الديمقراطية ومؤسّسات الدّولة، أي أنّنا لم نعد أمام ديمقراطية واقعية، إنّما أمام شكل من أشكالها الافتراضية. وليست «الافتراضية» هنا بالمعنى الذي أورده «إفجوني موروزف» وهو يتحدّث عن اليوتوبيا السيبرانية لما اعتقد أنّ المدوّنات والويب قد منحوا نفساً جديداً للديمقراطية، وإنّما باعتبارها نتاجاً لخيالنا وأوهامنا حتّى.
لكن علاقة الاستبداد الديمقراطي بالاستبداد السيبراني، التي تجعل من الدولة كياناً مستبداً، تكمن في صيغ المراقبة والتجسّس وتوجيه الانتخابات عبر تشجيع العزوف وتهميش الكفاءات. وذلك على خلفية الارتقاء بالتّفاهة والعمل على بروز نخب صادمة للمجتمع تفتقد أدنى شروط المصداقية والشرعية الاجتماعية. هذا كلّه يتمّ عبر التّوظيف السيبراني من خلال فئة من الدّعائيين المدعومين رقمياً، الذين يطلق عليهم: المؤثّرون اجتماعياً.
لا أحد يشك في أنّ حياة الإنسانية اليوم أصبحت خاضعة لسلطة رقمية تجاوزت كلّ السّلط التقليدية. كلّ حركاتنا منذ استفاقتنا صباحاً أصبحت مرهونة بالحوسبة السحابية لتأسيس هويتنا الرقمية، التي أضحت ضرورة حياتية لاستمرار وجودنا الاجتماعي.
هكذا كما يرى «برنارد هنكورت» انتقلنا من الأنا «الأنالوجي» إلى الأنا الرقمي وانتهى معنى الحميمية الفردية المتمثّلة في الخصوصية التي كانت لقرون تمثّل الاستقلالية الوجودية للفرد في علاقته بالخصوصيات الغيرية.
كلّ شيء فينا أصبح في ملكية الآخر مراقباً، فكيف نتحدّث عن مجتمع ليبرالي وديمقراطي وعن دولة ديمقراطية في سياق فقدان هذه الخصوصية الفردية وسيادة التجسّس والمراقبة؟
إنّ الأمر يتعلّق حسب رأي «إيبن موكلان» بظهور شكل مختلف للحكامة يعتبر الديمقراطية شكلاً تقليدياً لا يتماشى مع تصوّر الولايات المتحدة لما ينبغي أن تكون عليه حكامة العالم، لأنّ النّظام الدّيمقراطي الذي يحترم نفسه يغاير هذا الاتّجاه ولا يسمح بالمساس بخصوصية الأفراد والتحكّم في مصائرهم عن طريق المراقبة والتجسّس.
لقد نبّهنا «ألكسيس طوكفيل» منذ أواسط القرن الثّامن عشر أن غياب المقاومة المقننة اجتماعياً تؤّسس لاستبداد متجدّد للدولة، فقد تتحايل على الديمقراطية باسم المنجز العلمي وتجعل منه سلطة عابرة للسُلط التّي تعنيها الديمقراطية. كلام طوكفيل له وجاهته اليوم إزاء علاقة الدّولة المركزية بالتكنولوجيا الرقمية واستثمارها للكوارث والأوبئة لتثبيت نزعتها الاستبدادية التي ترتفع أمام فقدان المقاومة الذّاتية للمجتمع والأفراد، نظراً لشعورهم بالحاجة إلى حمايتهم القصوى.
أصبحت الديمقراطيات العريقة في العالم لا تشدّ على هذه الظرفيات، فالديمقراطية الأمريكية لم تعد تعني أكثر من ديمقراطية ناخبين أقلية نتيجة للعزوف عن التّصويت، على حساب النّاخبين المحتملين كفئة واسعة لها ثقة في الديمقراطية ومؤسّسات الدّولة، أي أنّنا لم نعد أمام ديمقراطية واقعية، إنّما أمام شكل من أشكالها الافتراضية. وليست «الافتراضية» هنا بالمعنى الذي أورده «إفجوني موروزف» وهو يتحدّث عن اليوتوبيا السيبرانية لما اعتقد أنّ المدوّنات والويب قد منحوا نفساً جديداً للديمقراطية، وإنّما باعتبارها نتاجاً لخيالنا وأوهامنا حتّى.
لكن علاقة الاستبداد الديمقراطي بالاستبداد السيبراني، التي تجعل من الدولة كياناً مستبداً، تكمن في صيغ المراقبة والتجسّس وتوجيه الانتخابات عبر تشجيع العزوف وتهميش الكفاءات. وذلك على خلفية الارتقاء بالتّفاهة والعمل على بروز نخب صادمة للمجتمع تفتقد أدنى شروط المصداقية والشرعية الاجتماعية. هذا كلّه يتمّ عبر التّوظيف السيبراني من خلال فئة من الدّعائيين المدعومين رقمياً، الذين يطلق عليهم: المؤثّرون اجتماعياً.