أشار عالم الأنثروبولوجيا، كلود ليفي ستروس، في كتابه «الأصل والتاريخ» الصادر سنة (1952) من خلال مقاربة إثنوغرافية إلى أن الحكم على الغيرية الثقافية استناداً إلى معاييرنا الخاصة سواء أكانت دينية أم أخلاقية أم اجتماعية هو نوع من العنصرية المقنّعة، لأن تجاهل خاصية التميز الثقافي الذي يغايرنا والتعصّب لثقافتنا فقط، هو عبارة عن مركزية شوفينية لا تاريخية ولاغية لشمولية الأثر الإنساني وكونيته.
أوضح ستروس أن الإثنوغرافيين أنفسهم في كثير من دراساتهم أبانوا عن نزعة إثنوغرافية مركزية غير منصفة لمّا أوّلوا مظاهر الحياة البدائية غير الغربية، وفق شبكة مفاهيمية تلغي التميز الثقافي لهذه الحياة وتعتبره مجرّد مظهر بدائي.
حاول الأنثروبولوجي «روربرت لوي» التنكّر لرمزيات التميّز وسماته التي تزخر بها طقوس القرابة والزواج والحرب والموت، بتقليص هذه الرمزيات إلى مجرد متغيرات تحصل في بنية العائلة المتعددة التي يحكمها نظام موحد ومنغلق يجعل من الإنتاج الثقافي عبارة عن تكرار يخلو من قيمة الإبداع.
كان بذلك، يُعلي من الثقافات الغربية باعتبارها تنفرد وحدها بالتميّز والتفوّق، وكل ما غاير أسلوبها الثقافي والحضاري فهو دوني، لكن كثيراً من الدراسات المخالفة والناقدة قد انبرت بقوة لهذا الاتجاه، كنقد «إدمون ليتش» «لألفريد برَاون»، واعتراضات مالينوفسكي الشهيرة على هذه الأطروحة باعتبارها لا تتجاوز مراكمة التفاصيل الاستثنائية التي لا علاقة لها بالنظر الكلّي للإنسان في علاقته بالإبداع الثقافي، وأنها متحيزة تطغى عليها الإثنية والسياسة أكثر ما تحكمها الموضوعية والحجة العلمية.
بذلك وصف أصحاب هذه الدعاوى، بأصحاب النزعة الإثنوغرافية المنتصرة للمركزية الغربية، واجتهدوا على غرار ستروس في وضع أسس إثنوغرافية تقوم على جهاز إشكالي ومفاهيمي شمولي ينطلق من الأثر الثقافي للإنسان بدون إضفاء أية أولوية على انتمائه الترابي وانتسابه العائلي.
هناك بالتأكيد محدد سياسي لهذه النزعة الإثنوغرافية، يتمثل أوّلاً في محاولة الغرب تثبيت شرعية استعماره للشعوب، منذ أوائل القرن العشرين، واعتبار الثقافة العربية والشرقية والأفريقية بمن فيها إنسانها، مجرّد استمرار تاريخي لبنية بدائية عمّقت تخلّف أصحابها وأصبحت تاريخياً غير قادرة على مجاراة الغرب الذي جعل، كما يعتقد، من تميّز ثقافاته مصدر قوّته وتنميته.
لذلك نلاحظ أن صفتي التحضر والتخلف الثقافيين كانتا دائماً في أطروحة النزعة الإثنوغرافية المركزية شغلاً شاغلاً يهدف إلى إبراز مركزية الإثنيات الغربية وهامشية الإثنيات الأخرى، لم يكن همّها على خلاف الإثنوغرافية المتسمة بالعلمية والجدّية، إلا التأكيد على أن شأن الديمقراطية والدولة والحداثة، هو شأن غربي محض، أما غيره في المجتمعات الأخرى، فهو رجع صدى لا غير.
أوضح ستروس أن الإثنوغرافيين أنفسهم في كثير من دراساتهم أبانوا عن نزعة إثنوغرافية مركزية غير منصفة لمّا أوّلوا مظاهر الحياة البدائية غير الغربية، وفق شبكة مفاهيمية تلغي التميز الثقافي لهذه الحياة وتعتبره مجرّد مظهر بدائي.
حاول الأنثروبولوجي «روربرت لوي» التنكّر لرمزيات التميّز وسماته التي تزخر بها طقوس القرابة والزواج والحرب والموت، بتقليص هذه الرمزيات إلى مجرد متغيرات تحصل في بنية العائلة المتعددة التي يحكمها نظام موحد ومنغلق يجعل من الإنتاج الثقافي عبارة عن تكرار يخلو من قيمة الإبداع.
بذلك وصف أصحاب هذه الدعاوى، بأصحاب النزعة الإثنوغرافية المنتصرة للمركزية الغربية، واجتهدوا على غرار ستروس في وضع أسس إثنوغرافية تقوم على جهاز إشكالي ومفاهيمي شمولي ينطلق من الأثر الثقافي للإنسان بدون إضفاء أية أولوية على انتمائه الترابي وانتسابه العائلي.
هناك بالتأكيد محدد سياسي لهذه النزعة الإثنوغرافية، يتمثل أوّلاً في محاولة الغرب تثبيت شرعية استعماره للشعوب، منذ أوائل القرن العشرين، واعتبار الثقافة العربية والشرقية والأفريقية بمن فيها إنسانها، مجرّد استمرار تاريخي لبنية بدائية عمّقت تخلّف أصحابها وأصبحت تاريخياً غير قادرة على مجاراة الغرب الذي جعل، كما يعتقد، من تميّز ثقافاته مصدر قوّته وتنميته.
لذلك نلاحظ أن صفتي التحضر والتخلف الثقافيين كانتا دائماً في أطروحة النزعة الإثنوغرافية المركزية شغلاً شاغلاً يهدف إلى إبراز مركزية الإثنيات الغربية وهامشية الإثنيات الأخرى، لم يكن همّها على خلاف الإثنوغرافية المتسمة بالعلمية والجدّية، إلا التأكيد على أن شأن الديمقراطية والدولة والحداثة، هو شأن غربي محض، أما غيره في المجتمعات الأخرى، فهو رجع صدى لا غير.