نبدأ بتذوق الأطعمة ولا نقف عند هذا الحد، فنحن نتذوق الفن، والشِعر، وكل منتَجٍ له من الجمال نصيب. كما نستخدم مفردات التذوق أحياناً فنصف بعض الذكريات بـ«المرارة»، وملامح شخص ما بالـ«حُلوة»، ونقد أدبي ما بأنه «لاذع»، وهكذا نُشبع شغف العقل والروح بتشبيهات تمجّد حاسة التذوق في الفكرة واللغة.
لكن طريقة تناول الأفكار والمشاعر لا تكون بالشوكة والسكين. نحن بداية نعجن مشاعرنا ونحضّرها داخل أفران الروح، ثم نقدّم خُبزَنا في أطباق فنية أو علمية أو أدبية.. ألا يمكن بهذا التصوّر أن يكون الطهي حرفتنا الأولى؟ أي إننا جميعاً طُهاة ـ أو خبّازون ـ في الأصل، نستتر داخل حلل المِهن الأخرى؟ أما خُبز البطون ـ ذاك الذي يؤكل بالفم ـ فهو لا يقبل حِدّة السكّين، بل رقة الأنامل، وهكذا فإن أول إحساسٍ يسري لحظة لمسه هو إحساس الدِفء وما يجلبه من أمانٍ وامتنان.
هذا الصنف الأساسي من الطعام، رمز ثورة الجياع والنهضة الزراعية وكفاف رزق الشعوب وتأمين جيوب العسكر في الحروب، يربّي فينا التواضع، فبغض النظر عن الطبقة الاجتماعية التي ننتمي إليها، سيفضّل مدرّبو السلوك دائماً تناول الخبز باليد على الموائد الراقية والمتواضعة، فنستشعر النعمة بلا وسيط، ونقدّر كرم الطبيعة من أرض وماء وهواء.
من المدهش أن نلاحظ إذاً كيف تجتاح حاسة تذوّقنا للأطعمة مناحي الحياة الأخرى، حتى إننا نستخدم أحياناً مفردة «إشباع» في مواضع لا تتعلّق بالغذاء والموائد.
وكيف أن الإبداع والابتكار في أصله خلطٌ وعَجن، وكيف تؤثّر الأطعمة على سلوكيات البشر وأمزجتهم فتربّي فيهم خصالاً محمودة أو مذمومة. بل وكيف أن هناك حقول قمحٍ ممتدة في كافة جوانب الحياة، لها مواسم حصادها، وطبخها، وتذوّقها!
لكن طريقة تناول الأفكار والمشاعر لا تكون بالشوكة والسكين. نحن بداية نعجن مشاعرنا ونحضّرها داخل أفران الروح، ثم نقدّم خُبزَنا في أطباق فنية أو علمية أو أدبية.. ألا يمكن بهذا التصوّر أن يكون الطهي حرفتنا الأولى؟ أي إننا جميعاً طُهاة ـ أو خبّازون ـ في الأصل، نستتر داخل حلل المِهن الأخرى؟ أما خُبز البطون ـ ذاك الذي يؤكل بالفم ـ فهو لا يقبل حِدّة السكّين، بل رقة الأنامل، وهكذا فإن أول إحساسٍ يسري لحظة لمسه هو إحساس الدِفء وما يجلبه من أمانٍ وامتنان.
هذا الصنف الأساسي من الطعام، رمز ثورة الجياع والنهضة الزراعية وكفاف رزق الشعوب وتأمين جيوب العسكر في الحروب، يربّي فينا التواضع، فبغض النظر عن الطبقة الاجتماعية التي ننتمي إليها، سيفضّل مدرّبو السلوك دائماً تناول الخبز باليد على الموائد الراقية والمتواضعة، فنستشعر النعمة بلا وسيط، ونقدّر كرم الطبيعة من أرض وماء وهواء.
وكيف أن الإبداع والابتكار في أصله خلطٌ وعَجن، وكيف تؤثّر الأطعمة على سلوكيات البشر وأمزجتهم فتربّي فيهم خصالاً محمودة أو مذمومة. بل وكيف أن هناك حقول قمحٍ ممتدة في كافة جوانب الحياة، لها مواسم حصادها، وطبخها، وتذوّقها!