تعتبر أطروحة إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق»، محدداً مركزياً لاستكشاف خلفيات تمثلات الغرب لصورة العرب، وفهم الهوة الواقعة بين الحضارة الغربية والثقافة المشرقية.
ورغم تقادم هذه الأطروحة فهي أساسية اليوم في فهم ما يقع في البلاد العربية، سواء في علاقتها الخارجية بالغرب أوفي تداعيات هذه العلاقات العربية - العربية، لأن ما يرتكز عليه الاستشراق هو تسليمه المطلق بتفوّق الحضارة الغربية ودونية الثقافة العربية الإسلامية.
تعتبر هذه القناعة الاستعلائية والتحقيرية، محرّكاً متحكّماً في مختلف العلاقات بين الغرب والعرب، ولا يمكن أن نفهم الخراب الذي يدمّر العرب، سواء أكان معلناً أو صامتاً، إلا برصد دقيق لمسعى ترسيخ الغرب للصورة النمطية للهمجية عن العرب، كرديف للبدائية واللاعقلانية والاستبداد، والتطرف، وقد أُبْتُكِر لهذا المنظور السياسي مفهوم ثقافي وهو الجوهر الخيالي «للشعوب الشرقية»، ذلك أن إطلاق صفة «الخيالي» المتمثل في الرومانسيات المندفعة والتهور العنيف والحالم، تعني وضع المقدمات الثقافية لتبرير الهيمنة الترابية والسياسية والاقتصادية، بحجة فقدان هذه الشعوب للأهلية المدنية والواقعية.
وفقاً لهذه الخدعة السياسية والثقافية، سارت أغلب الدراسات الغربية تجانب الموضوعية في مقاربتها للحضارة العربية الإسلامية، والأسوأ وقوع النخبة العربية المتغرِّبة في فخ هذه الخدعة، إذ راحت ترسخ أطروحة المركزية الاستشراقية في الأذهان العربية بتبخيسها لتراثها الثقافي والإسلامي دونما أيّ إنصاف، ولم يتمّ الانتباه إلى أن اشتغال المستشرقين الفرنسيين والإنجليز على مفهوم الشرق ابتداء من القرن الثامن عشر مروراً بالطريقة التي تبناها الأمريكيون لهذا المفهوم في القرن العشرين إلى اليوم، لم يكن بهدف تبرير أطماعهم الاستعمارية فقط، وإنما بهدف مركّب.
الأول تحدده نزعة صليبية دفينة ترمي إلى تشويه الدين الإسلامي عبر صناعة الإرهاب ورعايته وتجديد سيناريوهاته، والثاني، بطلان مسعى التكامل العربي بفتيت كيان دولها، إما بإضرام العنف الطائفي والإثني، وإما بالتفنن في خلق صراعات «مزمنة» بين البلاد العربية المجاورة، خوفاً من أي تكامل يهدد مصالحها.
ولم يوظف الاستشراق النخة العربية المستغربة فقط، في معركته ضد العرب والمسلمين، وإنما وقعت في فخه، أيضاً، النخب السياسية والإعلامية الوطنية، إما بتغاضيها أو خجلها من ردع الإسلاموفوبيا ذات الخلفية الصليبية، وإما بوقوعها في معارك لاواعية وبئيسة كلما تعلق الأمر بخلاف سياسي بين بلدها وبلد عربي مجاور.. إن حماسة الانتصار إلى النزعة الوطنية ضد بلد عربي مجاور بدون وعي وبتعصب محلي أعمى، والانتصار إلى حداثة الغرب بدون فحصها وتبيّن مسبباتها، يعتبران معاً معاول حقيقية لهدم الكيان العربي، ونسف مشروع المقاومة ضد الغرب.
ورغم تقادم هذه الأطروحة فهي أساسية اليوم في فهم ما يقع في البلاد العربية، سواء في علاقتها الخارجية بالغرب أوفي تداعيات هذه العلاقات العربية - العربية، لأن ما يرتكز عليه الاستشراق هو تسليمه المطلق بتفوّق الحضارة الغربية ودونية الثقافة العربية الإسلامية.
تعتبر هذه القناعة الاستعلائية والتحقيرية، محرّكاً متحكّماً في مختلف العلاقات بين الغرب والعرب، ولا يمكن أن نفهم الخراب الذي يدمّر العرب، سواء أكان معلناً أو صامتاً، إلا برصد دقيق لمسعى ترسيخ الغرب للصورة النمطية للهمجية عن العرب، كرديف للبدائية واللاعقلانية والاستبداد، والتطرف، وقد أُبْتُكِر لهذا المنظور السياسي مفهوم ثقافي وهو الجوهر الخيالي «للشعوب الشرقية»، ذلك أن إطلاق صفة «الخيالي» المتمثل في الرومانسيات المندفعة والتهور العنيف والحالم، تعني وضع المقدمات الثقافية لتبرير الهيمنة الترابية والسياسية والاقتصادية، بحجة فقدان هذه الشعوب للأهلية المدنية والواقعية.
الأول تحدده نزعة صليبية دفينة ترمي إلى تشويه الدين الإسلامي عبر صناعة الإرهاب ورعايته وتجديد سيناريوهاته، والثاني، بطلان مسعى التكامل العربي بفتيت كيان دولها، إما بإضرام العنف الطائفي والإثني، وإما بالتفنن في خلق صراعات «مزمنة» بين البلاد العربية المجاورة، خوفاً من أي تكامل يهدد مصالحها.
ولم يوظف الاستشراق النخة العربية المستغربة فقط، في معركته ضد العرب والمسلمين، وإنما وقعت في فخه، أيضاً، النخب السياسية والإعلامية الوطنية، إما بتغاضيها أو خجلها من ردع الإسلاموفوبيا ذات الخلفية الصليبية، وإما بوقوعها في معارك لاواعية وبئيسة كلما تعلق الأمر بخلاف سياسي بين بلدها وبلد عربي مجاور.. إن حماسة الانتصار إلى النزعة الوطنية ضد بلد عربي مجاور بدون وعي وبتعصب محلي أعمى، والانتصار إلى حداثة الغرب بدون فحصها وتبيّن مسبباتها، يعتبران معاً معاول حقيقية لهدم الكيان العربي، ونسف مشروع المقاومة ضد الغرب.