حسين نجاح

بعد استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، يرى محللون أن النظام الجديد قد يواجه عدواً لا يتألف من مقاتلين موالين للحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، ولكن من أولئك الحلفاء السابقين لها والذين قد يرون أن الحكام الجدد خونة.

وفي خطابه بعد التطورات الأخيرة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة ستحتفظ بقدرة «فوق الأفق» لمكافحة الإرهاب لتحييد التهديد الذي تشكله الجماعات المتطرفة في أفغانستان.

لكن مع عدم وجود قوات على الأرض، وعدم وجود عملية لجمع المعلومات الاستخبارية في البلاد وعدم وجود حليف مع حدود مشتركة، فإن هذا النوع من الجهود بعيدة المدى لوقف المؤامرات التي تستهدف الغرب لن يكون سهلاً - وسيزداد صعوبة بشكل كبير خضوع أي منظمات على الأرض الآن لسيطرة طالبان، بحسب تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

مقاتلو طالبان في شوارع العاصمة كابول.(أ ف ب)

منصة وتسهيلات

أخبار ذات صلة

زيادة صادرات الصين من السيارات الكهربائية أكثر من الضعف
الصين تحتاط لفساد أقارب المسؤولين بتوسيع قواعد حكومية

وقال التقرير إن ما تحتاجه أي جماعة متطرفة عنيفة أكثر من أي شيء آخر هو موقع آمن حيث يمكنها التخطيط والتنظيم والتجنيد ووضع الاستراتيجيات وجمع الموارد. وبدون ذلك، يبقى عدد قليل من المتمردين والإرهابيين على قيد الحياة.

قدمت باكستان هذه التسهيلات لطالبان، ما ساعد بشكل كبير حملتهم التي استمرت 20 عاماً والتي انتهت بالنصر هذا الأسبوع. ومن قبل كان للقاعدة مثل هذه التسهيلات في الفترة من 1996-2001، ما مكن أسامة بن لادن من شن هجوم 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.

أُجبرت القاعدة على الفرار من أفغانستان بعد حرب عام 2001 لكنها عادت ببطء، وانتشر مقاتلوها في مناطق كثيرة من البلاد.

وينتمي الكثيرون إلى تنظيم القاعدة في جنوب آسيا، وهو فرع تابع تم إنشاؤه مع مجندين باكستانيين وهنود وبنغلادشيين في عام 2014 لتعزيز أهداف التنظيم في المنطقة. وكان آخرون يقاتلون إلى جانب طالبان، وهم الذين تربطهم بها «علاقات وثيقة»، بحسب مصادر استخباراتية.

ومن بين الجماعات التي يخشى من تنامي قوتها في أفغانستان أيضاً، فصيل «ولاية خراسان» التابع لتنظيم داعش الإرهابي، الذي تأسس عام 2015 حيث سعى داعش إلى توسيع نفوذه الإقليمي من القلب في العراق وسوريا شرقاً.

وعلى الرغم من أن طالبان تعارض تمدد داعش على أراضيها وكذلك فصيلها «ولاية خراسان»، إلا أن هذا الكيان الإرهابي تمكن من تنفيذ سلسلة من العمليات الوحشية بداية العام، استهدف خلالها المسلمون الشيعة والنساء والأجانب.

قد تحاول طالبان منع مثل هذه العمليات لكنها لن تكون قادرة على مراقبة كل ركن من أركان الدولة الوعرة المترامية الأطراف، خاصة وأن الكثير منها في الواقع يحكمه سماسرة السلطة المحليون الذين يتخذون قراراتهم الخاصة بشأن من يفعل ماذا وأين.

مقاتلو طالبان في شوارع العاصمة كابول.(أ ب)


فصائل وجماعات عدة

وبالإضافة إلى ولاية خراسان، هناك مجموعة من الفصائل المتشددة المسلحة الأخرى، والتي لا تشكل أي منها تهديداً كبيراً بنفسها، ولكن أنشطتها يمكن أن تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، أو على الأقل تسهل هجوماً من قبل مجموعة أخرى. وتعتقد الأمم المتحدة أن هناك بين 8 و10 آلاف أجنبي يحملون السلاح حالياً في أفغانستان.

لقد سافر العديد من مرتكبي الهجمات الإرهابية في أوروبا، وأماكن أخرى في العقود الماضية إلى باكستان لتلقي التدريب، وانضموا إلى طالبان باكستان.

كما أن طالبان قد جلبت بقايا معظم الجماعات الإسلامية المتطرفة في آسيا الوسطى الواقعة في شمال أفغانستان تحت سلطتها، كما ورد أنها نشرت بعضها لحراسة المراكز الحدودية، مثل حركة تركستان الشرقية الإسلامية، المؤلفة من الهاربين الأويغور من جنوب غرب الصين.

ربما يكون أكثر ما يثير القلق هو المزيج المعقد من الفصائل الباكستانية المتمركزة حالياً في شرق أفغانستان.

وتركز هذه الفصائل بشكل كامل تقريباً على خوض المعارك المحلية، لكن حركة طالبان باكستان، أو طالبان الباكستانية، لها تاريخ طويل من العنف. وكذلك المجموعات المتطرفة الأخرى التي هاجرت من باكستان عبر الحدود.

تتبع كل هذه الجماعات الأيديولوجية المتطرفة المعروفة للمحللين باسم «السلفية الجهادية»، وهي عبارة عن مزيج من المذاهب المتطرفة التي تعتقد أن من واجب كل مسلم القتال بشكل فردي أو جماعي ضد «الاستبداد» أينما وجد.

تناقض واختلافات

ويتناقض هذا النوع من التفكير بشكل كبير مع التقاليد الشعبية القديمة للإسلام في أفغانستان وحتى مع المدارس الرجعية التي تتبعها طالبان.

ويقول مراقبون إن نجاح داعش في سوريا والعراق، حتى رغم انتهاء دولتهم المزعومة بالدماء والفشل، إلا أنه قد ألهم بعض الشباب الأفغان، ما أدى إلى زيادة انتشار السلفية الجهادية هناك.

وفي النهاية قد تجد طالبان الموجودة في السلطة نفسها تقاتل متمرديها، الذين لا يتألفون من أولئك الموالين للحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، ولكن أولئك الذين يرون حكامهم الجدد على أنهم خونة أو مخادعون.