يرى الفيلسوف «برتراند بادي» أنّ منزلة الدولة التي أقرّها تاريخيّاً القانون الدّولي المصوغ في اتّفاقيات «وستفاليا» سنة 1648، قد بدأت في التقلّص، مستنداً في ذلك على أطروحته حول ما أطلق عليه بعودة المجتمعات وصعود جيل جديد من المؤسّسات التجارية العملاقة، ومنها المؤسّسات الإعلامية والرّقمية، التّي أصبحت بطريقتها تعيد صياغة العلاقات الدّولية.
لكن، هناك من يعتبر هذا الرأي غير دقيق باعتبار أنّ هذه الهيئات وحركية المجتمع المدني ونشاط الحركات الاجتماعية لا توازن كلّها السلطة الواسعة التي اكتسبتها الدولة خاصة ما بعد الجائحة، مهما تقوّت هذه الهيئات والمؤسّسات وتوسّع نطاقها المالي والإعلامي.
ومع ذلك، تشير القانونية «سمنتا بسون» أستاذة في «الكوليج دو فرانس» إلى: أن الوظائف التقليدية للدولة في علاقتها بالسلطة ومعناها للسيطرة بدأت تنتعش أمام تراجع الدعوة إلى تلك الوظائف الجديدة، التّي أطلقت عليها «الحكامة العابرة للحدود الوطنية» أو الحكامة المعولمة.
إذ إنّ حداثة هذه الوظائف نفسها، تلتزم بالخاصيَّة السياسية التّاريخية المُجسّدة في مبدأ التمثيلية وفي مبدأ الشرعية، كما عرفهما تاريخ العلاقات الجيو- سياسية ورسختهما المؤسسات الدولية المستحدثة ما بعد 1945.
لكن النظام الدولي الجديد يتحايل على هذين المبدأين لإفقادهما معانيهما وتثبيته لاستثنائية الهيمنة الشمولية من داخل القانون الدولي، لأنه من وجهة نظره، مُدّعياً، تعتبر هذه الشمولية المعولمة ضامنة للسّلام ولأمن الأفراد، محلّياً، وإقليمياً ودولياً، إلاّ أنّ الواقع يفنّد هذا الادعاء بدليل قهرها لكثير من شعوب العالم والتحكّم العنيف في مصائرها.
إن الصعوبات التي تعترض أطروحة «بادي» تتمثل في عدم تنبهه، وفقاً للتحولات الكونية الكبرى، إلى ضرورة تجديد وظائف هيئات المجتمع المدني نفسه، بما يجعله لا يقتصر على الدعوة إلى المصلحة العامة والتنديد بالفساد فقط، وإنما بحسب «سمنتا بسون» بأن يكون طرفاً أساسيّاً في المعادلات الكبرى التي تمثلها سلطة التدبير والمراقبة، لأنه إذا كانت الدولة كياناً لا يمكن تجاوزه في المشهد الدولي، فهذا لا يعني أن مؤسساتها وقوانينها محكوم عليها بالجمود سياسياً، ولا يعني أحقيتها المطلقة في احتكار السلطة على حساب الحريات والأمن الإنساني لمجتمعاتها، لأن طبيعة الشعوب تاريخياً تصطدم حتماً بهيمنة الدولة المغالية، وتتمرد على القوانين السارية في مجتمعاتها كلّما شعرت بأنّ هذه القوانين لا تمثّلها وليست حامية لمصالحها.
في سياق سؤال تجديد أدوار الدولة وأدوار هيئات المجتمع المدني، تقترح الفقيهة القانونية «مونيك شوميليي جندروه» حذف هيئة الأمم المتحدة واستبدالها بإنشاء «مجلس عالمي للمقاومة» يتحدث باسم شعوب العالم بآليات سياسية مشروعة.
لكن، هناك من يعتبر هذا الرأي غير دقيق باعتبار أنّ هذه الهيئات وحركية المجتمع المدني ونشاط الحركات الاجتماعية لا توازن كلّها السلطة الواسعة التي اكتسبتها الدولة خاصة ما بعد الجائحة، مهما تقوّت هذه الهيئات والمؤسّسات وتوسّع نطاقها المالي والإعلامي.
ومع ذلك، تشير القانونية «سمنتا بسون» أستاذة في «الكوليج دو فرانس» إلى: أن الوظائف التقليدية للدولة في علاقتها بالسلطة ومعناها للسيطرة بدأت تنتعش أمام تراجع الدعوة إلى تلك الوظائف الجديدة، التّي أطلقت عليها «الحكامة العابرة للحدود الوطنية» أو الحكامة المعولمة.
لكن النظام الدولي الجديد يتحايل على هذين المبدأين لإفقادهما معانيهما وتثبيته لاستثنائية الهيمنة الشمولية من داخل القانون الدولي، لأنه من وجهة نظره، مُدّعياً، تعتبر هذه الشمولية المعولمة ضامنة للسّلام ولأمن الأفراد، محلّياً، وإقليمياً ودولياً، إلاّ أنّ الواقع يفنّد هذا الادعاء بدليل قهرها لكثير من شعوب العالم والتحكّم العنيف في مصائرها.
إن الصعوبات التي تعترض أطروحة «بادي» تتمثل في عدم تنبهه، وفقاً للتحولات الكونية الكبرى، إلى ضرورة تجديد وظائف هيئات المجتمع المدني نفسه، بما يجعله لا يقتصر على الدعوة إلى المصلحة العامة والتنديد بالفساد فقط، وإنما بحسب «سمنتا بسون» بأن يكون طرفاً أساسيّاً في المعادلات الكبرى التي تمثلها سلطة التدبير والمراقبة، لأنه إذا كانت الدولة كياناً لا يمكن تجاوزه في المشهد الدولي، فهذا لا يعني أن مؤسساتها وقوانينها محكوم عليها بالجمود سياسياً، ولا يعني أحقيتها المطلقة في احتكار السلطة على حساب الحريات والأمن الإنساني لمجتمعاتها، لأن طبيعة الشعوب تاريخياً تصطدم حتماً بهيمنة الدولة المغالية، وتتمرد على القوانين السارية في مجتمعاتها كلّما شعرت بأنّ هذه القوانين لا تمثّلها وليست حامية لمصالحها.
في سياق سؤال تجديد أدوار الدولة وأدوار هيئات المجتمع المدني، تقترح الفقيهة القانونية «مونيك شوميليي جندروه» حذف هيئة الأمم المتحدة واستبدالها بإنشاء «مجلس عالمي للمقاومة» يتحدث باسم شعوب العالم بآليات سياسية مشروعة.