نظرة واحدة تساوي ألف كلمة.. بل آلاف الكلمات في بعض الأحيان.. قول مأثور تدلل عليه صورة لمئات الأفغان المملوئين بمشاعر الرعب والفزع قابعين في طائرة حربية بمطار كابول يوم الأحد الماضي، لتسجل لحظة تاريخية تضاف إلى سجل الحروب والصراعات الحافل بصور مأساوية لضحايا كل ذنبهم أنهم ولدوا في هذه البقعة أو تلك.
للوهلة الأولى يظن المتأمل أن أيدي التكنولوجيا لعبت في هذه الصورة لتزيد من تأثيرها على الناظرين، لكن التفاصيل تؤكد حقيقتها حتى وصفت بأنها لا تصدق. فكيف وصل كل هذا العدد إلى داخل الطائرة؟ وماذا فعل الطاقم؟ وأين هبطت بهم؟
حقيقة الصورة
تعود الصورة إلى يوم الأحد الماضي، بمجرد توارد الأنباء عن دخول حركة طالبان العاصمة كابول اندفع آلاف صوب المطار للفرار خوفاً من بطش مقاتلي الحركة، آملين في أن ينقذهم حليف تخلى عنهم رغم أنه قبع في دولتهم لعقدين من الزمان.
مسؤول دفاعي أمريكي كشف لموقع «ديفنس وان» حقيقة الصورة مؤكداً أن اللاجئين - بمن فيهم العديد من النساء والأطفال الصغار - ركضوا على منحدر نصف مفتوح للطائرة قبل الإقلاع مساء الأحد، فاضطر الطاقم إلى اتخاذ قرار المغادرة مصطحباً إياهم معه.
وقال المسؤول إنه في البداية أبلغ طاقم الطائرة أن حوالي 800 لاجئ أفغاني قد تمكنوا من دخول الطائرة وهي من طراز C-17، مخصصة لنقل 150 جندياً فقط.
أين هبطت الطائرة؟
لكن بعد ذلك تم التأكد من أن عدد الأفغان على متن الطائرة كان 640 بينهم نساء وأطفال، عندما هبطت بهم الطائرة في قطر.
وقال المسؤول إن الرحلة كانت واحدة من عدة رحلات تمكنت من الإقلاع على متنها مئات الأشخاص، وربما كانت حمولة بعضها الآخر أكبر من 640 شخصاً.
وكانت الرحلات مخصصة لنقل دبلوماسيين وموظفين من السفارة الأمريكية، ولكن الفوضى التي عمت المطار في ليلة «سقوط كابول» وراح ضحيتها 8 أفغان 3 منهم تحت عجلات الطائرات أرغمت السلطات الأمريكية على وقف الرحلات. وقتل اثنان برصاص القوات الأمريكية، ولقي 3 آخرون مصرعهم جراء سقوطهم من جسم طائرة مختلفة تابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز C-17 أثناء إقلاعها, بحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
ويُعتقد أن هذا العدد هو الأكبر من بين من سافروا على الإطلاق على متن طائرة C-17، وهي طائرة شحن عسكرية ضخمة تشغلها الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ ما يقرب من 3 عقود.
يُظهر برنامج تتبع الرحلات أن الطائرة تنتمي إلى الجناح الجوي رقم 436، الموجود في قاعدة دوفر الجوية في ديلاوير.
عفو طالبان
وبعد يومين على هذه الصورة الصادمة، أعلن مسؤول في حركة طالبان عن «عفو» عام في أفغانستان وحث النساء على الانضمام إلى حكومة الحركة المسلحة.
وأدلى إنعام الله سمنغاني، عضو اللجنة الثقافية بالإمارة الإسلامية، بهذه التصريحات اليوم الثلاثاء في التلفزيون الأفغاني الحكومي، الذي تسيطر عليه الحركة الآن.
وقال: «الإمارة الإسلامية لا تريد أن تكون النساء ضحايا».
وأضاف: "هيكل الحكومة ليس واضحاً تماماً، ولكن بناء على الخبرة، يجب أن تكون هناك قيادة إسلامية كاملة وينبغي على جميع الأطراف الانضمام إلى الحكومة."
وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون أكدت أمس الاثنين أنه سيتم نقل اللاجئين إلى قواعد جوية في تكساس وويسكونسن.