في حياتنا تدهشنا بعض الأحداث ونقف أمام بعض القصص وقد تملكنا الذهول والاستغراب بسبب تلك التفاصيل التي قيلت لنا، لا نريد أن نصدقها، أو حتى نفهمها، ذلك أنها تصيبنا بخوف بالغ، تجعلنا نعيش على حافة من التوتر والرهبة. لعل من تلك القصص ما تحكي عن التنكر الخيانة، وعن عدم الوفاء خاصة عندما يأتي من أقرب الناس إليك. في عالمنا نسمع كل يوم بقصص تحمل هذه الملامح مثل رجل يتخلى عن زوجته التي رافقته أكثر من 30 عاماً، يتركها وهي في أمس وأشد لحظات الحاجة له، يتركها وهي ممددة على فراش المرض واثقة بأنه أول من سيهب ليكون مرافقاً معها، سيشعرها بأنها القلب الذي ينبض في جسده. فكانت النتيجة مدوية ومؤلمة، لتموت وترافقها علامات التعجب وعلامات الاستفهام، هل هذا هو الرجل الذي أمضيت معه 30 عاماً؟ الذي أنا متأكدة منه أن هذا الرجل وأمثاله كثر لم يحبوا في أي يوم من الأيام، الذين يحبون لا يرتكبون كل هذه القسوة ويمارسونها، بل حتى إذا تناسينا الحب، سنسأل أين القيم الإنسانية النبيلة؟ أين الأخلاق؟ بل أين ضحكات وهمسات وصبر وألم ومسيرة 30 عاماً؟. نحن في الحقيقة وفي كثير من حياتنا لم نعرف الحب، لا نعرف كيف يأتي، كيف ينمو، كيف نعبر عنه، نحن نعيش بمعزل عنه، بعيداً عن قيمه، عن أسواره وحدوده. ببساطة نحن نجهله تماماً. الحال ينطبق حتى في جانب المرأة التي تضع معايير مادية بحته، فلا يميل قلبها إلا تجاه من يملك المال ومن تظهر عليه علامات الثراء، وهي بمجرد أن تجد من تنطبق عليه مثل هذه المواصفات تعتقد أنها وقعت في الحب، وهي أبعد ما تكون عن تلك المشاعر، هي في الحقيقة فقط تؤذي نفسه لا أكثر، المشكلة أن هذه النوعية قد يقع في حبها شخص يتمتع بأخلاق وطيبة ورقي، لكنها تتجاهله أو تضعه في خانة الاحتياط معتقدة أنها تمارس لعبة لا أكثر، وتوهم نفسها أن الجميع سينتظرون عند بابها حتى تنتهي من مغامراتها العاطفية. هذه النوعية تفاجأ بعد فوات الأوان، أن لا أحد يقف عند الباب فالجميع قد غادر، أما هي فتعود بقصة حب كانت هي الخاسر الأكبر فيها.. وللرجل أو المرأة إذا التقيت بنصفك الآخر، وشعرت بتغير وراحة عند لقائك به، فأصغ لقرار القلب والروح، وتذكر دوما أن هناك هرمون الأوكسيتوسين، الذي يسمى بهرمون «المحبين» لا يفرز إلا أثناء اللقاء بين المحبين. فلا تتجاهل قرار القلب، ولا تفر من فرحة الروح.. وابتعد عن الأحكام المادية، والمعايير المادية، ولا تلتفت للأعذار والتبريرات، التي يسوقها عقلك لتبتعد عن الذي أحببته.. رغم أن كلمة العقل فيصل، إلا أنها ستكون حليفاً لك إذا كنت فعلاً قد أحببت.. المطلوب أن نلقي نظرة عميقة داخل أرواحنا لا أكثر.