من أهم المهمات في مؤسسات العمل، وجود جيل جديد من الموظفين على درجة عالية من الوعي والكفاءة، بحيث لو وقع أي طارئ لا تتعرض المؤسسة لأي خلل في نظام سير العمل، نظراً لوجود صف ثان وثالث من الكفاءات العالية، والتي يمكن أن تدير العمل على أكمل وجه.
وهذا في المقام الأول دور المدير القائد، فهو يعلم يقيناً أنه لن يخلد في منصبه، فسيأتي عليه يوم يترك فيه منصبه حتماً، لذا عليه أن ينظر إلى مصلحة بلده ووطنه وثقة ولاة أمره فيه.
النظرة الأنانية خطأ قاتل يقع فيه بعض المديرين، بل بعضهم يصرح بأن جهة عمله ستفسد إن تركها لأنه يدير العمل على أكمل وجه وغيره لا يحسن ذلك، وهذا خلل جسيم في عقلية هذا المدير.
وبعضهم يتعمد عدم إعداد صف ثان من الكفاءات الوظيفية، لأنه يخاف من موظفيه، فيتصور أنهم سيأخذون مكانه، ويقطعون رزقه، وهذا تصور مغلوط أيضاً.
ومن لطيف ما مر علي أني شاهدت لقاء مع أحد المديرين، تحدث فيه بفخر كبير جداً عن عدد من الموظفين، الذين أشرف عليهم ثم تولوا أرقى المناصب، وبعضهم وصل إلى درجة وزير، وله كل الحق أن يفتخر بذلك، لأنه يرى نجاح من حوله نجاحاً له، بخلاف من كانت نظرته قاصرة وأنانية.
إن إعداد الصفوف الأخرى من الكوادر الوظيفية مسألة مهمة للغاية، لأنها تصب في مصلحة البلاد والعباد، فعلى المدير أن يكون قائداً فعلاً، ويولي هذه المهمة أهمية فائقة، ويعمل على تحفيز موظفيه للتعلم واكتساب الخبرات النظرية والميدانية من خلال برنامج شامل يبنى على دراسات جادة، وكم من موظف وجد دعماً صادقاً من مديره، فتغيرت حياته، وأقبل على التعلم، وبذل جهوداً متميزة في جهة عمله، ثم كان له شأن عظيم في المجتمع.
وعلى الجهات المشرفة متابعة هذه المواضيع، والتأكيد على المسؤولين بضرورة الانتباه لهذه المسألة، فمن أكبر أخطاء المؤسسات أن يعتمد نجاحها على شخص قوي إن ذهب عنها، خف بريقها، وتراجع أثرها.