في آخر رحلة سياحية قمت بها لأحد المنتجعات السياحية على كوكب المريخ، التقطت صورة «سيلفي» والمريخ خلفي لأحفظ هذه الذكرى، والجميل بالأمر أنه ورغم أننا في موسم السياحة الفضائية إلا أنني وجدت غرفة بفندق فضائي 8 نجوم وبسعر رخيص، وذلك بعد أن تمّ افتتاح فنادق عديدة في مختلف كواكب المجموعة الشمسية.
غرفتي المطلة على ناحية الأرض استطعت مشاهدة بريق كوكب الأرض عن بعد آلاف الكيلومترات، ورغم طبيعة الظروف القاسية في الفضاء إلا أن الرحلة الفضائية كانت سلسة وآمنة، واستغرقت رحلتنا من الأرض للمريخ «ترانزيت» ما يقارب 22 ساعة أرضية.
للوهلة الأولى وحتى الثانية والثالثة يبدو هذا الكلام ضرباً من الخيال، أو حلماً شاهدته في منامي بعد أن شاهدت فيلم «المسافرون»، وتخيلت نفسي أحد المسافرين في هذا الفيلم، مع بعض التغييرات التي راودتني بعد أن قرأت بعض الأخبار المتعلقة بنجاح الرحلات السياحية الفضائية.
وقبل أسابيع نجحت أولى رحلات الفضاء السياحية بعد أن قام الملياردير «ريتشارد برانسون» برحلة ناجحة على متن مركبة «فيرجن غالاكتيك» لتصل لارتفاع 88 كم فوق سطح الأرض، وتقترب الرحلة من خط الفضاء الذي حددته الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، والمعروفة باسم «خط كارمان»، والتي تبعد 100 كم عن سطح الأرض، ونجح أيضاً الملياردير جيف بيزوس بالوصول إلى الفضاء في أول رحلة مأهولة لمركبته الفضائية «نيو شيبرد» والتي اخترقت خط كارمان ووصلت لارتفاع 107 كيلو مترات بعيداً عن الأرض.
الرحلتان الناجحتان للفضاء ليستَا حدثاً عادياً، إنما هما بداية مهمة لعصر السياحة الفضائية، والتي ستشهد نمواً كبيراً مستقبلاً.
ومن الواضح أن أغنياء العالم في تنافس كبير لصناعة هذا المستقبل، وهذا سيأخذنا لأمر مهم؛ الأموال الضخمة التي يمتلكها هؤلاء ستسهم في تطوير هذه الصناعة وهذا أمر جيد، حيث إنه دون أموال لن يتمكن العالم من تطوير إلى المركبات الفضائية والوصول إلى الفضاء.
قد يقول قائل إننا: لا نزال بعيدين عن أحلامنا وهذه حقيقة، ولكن من كان شاهداً على أول رحلة طيران تجاري عام 1914 عندما جلس الطيار توني يانوس في مقعد قيادة طائرة ثنائية الركاب تستطيع الإقلاع والهبوط على الماء وبجواره العمدة السابق لمدينة سان بيترسبورج «إبرهام فايل»، ليصبح أول راكب مدني في التاريخ ليعبر خليج تامبا في رحلة تستغرق 23 دقيقة وبكلفة 400 دولار في وقتها؟ من كان شاهداً على هذا لم يتخيل أن تصبح الآلاف من الرحلات التجارية تنقل الملايين كل يوم بين مدن العالم كافة.
بعد سنوات سيتذكر سكان العالم أولى الرحلات السياحية الفضائية، وسيقولون: نعم كانت هناك بداية وتطورت البدايات لتصبح صناعة رائدة.. لقد تحقق حلم البشر في السفر إلى الفضاء بأمان، واستكشاف أوجه جديدة من عالمنا الخيالي.