قد تعتقدون أن التهام طبق من البرغر أو لحم بقري مشوي بطريقة مميزة مع مقطوعة موسيقية لمغنيكم المُفضل، أو أن تسرحون مع نسمات صيف باردة مع قضمة من قطعة «ستيك» داخل مطعمك المُفضل مهما كان المبلغ الذي ستدفعه بعد تلك الجلسة الساحرة، أو حتى أن تقوموا بشوي كل ما لذ وطاب من قطع اللحم المختلفة في حديقة منزلك عقب ذبح الأضاحي، ربما كل ذلك من وجهة نظركم أقصى ما يمكنكم تحقيقه من سعادة خصوصاً إن كنتم من متذوقي الطعام المُخضرمين، لكن ربما قد فاتكم التعرف إلى شريحة لحم من بقر «الواغيو» الدهنية الغنية بالفيتامينات والمعادن، والذي أصبح مُرادفاً للرفاهية.
كلمة «واغيو» باليابانية تعني «البقرة»، وتعود أبقار «الواغيو» إلى 4 سلالات رئيسية يتم تربيتها بطريقة خاصة، بحيث تتوزع الخلايا الدهنية بالتساوي داخل العضلات وهذا هو السبب في أن لحمها يبدو وردياً وطعمه شديد الرقة.
وتُنظم الحكومة اليابانية بإحكام إنتاج الواغيو لحماية قيمة وجودة اللحوم، بحسب موقع الجمعية الأمريكية لإنتاج الواغيو، وتعتبر تلك اللحوم من أغلى قطع اللحوم التي يمكن أن تحصل عليها في العالم، حيث يُقدر سعر الرطل الواحد وهو ما يقرب من نصف كيلو غرام بين 200 و300 دولار، بينما يقدر سعر البقرة كاملة بحوالي 30 ألف دولار.
لماذا الأغلى في العالم؟
ويبقى السؤال الأهم ما الذي يجعل لحوم «الواغيو» باهظة الثمن؟ كانت «الواغيو» في الأصل حيوانات الجر المُستخدمة في الزراعة وتم اختيارها لقدرتها على التحمل البدني، وتميزت تلك الأبقار بأنها ذات خلايا دهنية داخل العضلات «الرخامية»، والتي وفرت مصدر طاقة متاحاً بسهولة. سلالة الواغيو ذات القرون والماشية إما سوداء أو حمراء اللون، وهناك بعض الأدلة على الانفصال الجيني في سلالة الواغيو الجينية منذ 35000 عام، لتُصبح السلالة الحديثة منها نتيجة تهجين الماشية المحلية في اليابان بسلالات مستوردة، حيث أرادت الحكومة اليابانية إدخال الثقافة والعادات الغذائية الغربية فتم استيراد الماشية السويسرية البنية، وديفون وشورثورن وسيمينتال وأيرشاير، والكورية خلال هذه الفترة، وتطورت السلالات السوداء الثلاث الرئيسية- تاجيري أو تاجيما وفوجيوشي (شيمان) وكيداكا (توتوري) بسبب العزلة الجغرافية الإقليمية في اليابان، وهذه الاختلافات في التكاثر أنتجت قطيعاً وطنياً يابانياً يتكون من السلالات السوداء والباقي من السلالات الحمراء، وانتهى المزج الجيني النهائي في عام 1910، ما أدى إلى وجود سلالة حديثة من لحوم أبقار واغيو التي نعرفها اليوم.
ويخضع إنتاج لحم بقر «الواغيو» في اليابان للتنظيم الشديد، ويتم الاحتفاظ فقط بأفضل الجينات القوية للتكاثر، وتتميز كل ولاية بسلالتها الفريدة التي تخضع لنظام العزل، ويتم تربية الأبقار بشكل مختلف تماماً في كل منطقة، ويتم تربيتها حتى تبلغ 10 أشهر لتُباع بعد ذلك في مزاد علني لمزارع التسمين.
وبحسب موقع «بيزنس انسايدر» فإنه داخل مزارع التسمين تخضع صغار «الواغو» لنظام غذائي يضم مزيجاً من الألياف المُتنوعة بين الأرز والقمح، ويتم إطعامها لمدة عامين كاملين لثلاث مرات يومياً، ليصل مجموع ما تأكله البقرة الواحدة حوالي 5 أطنان من العلف، ولا يُسمح للأبقار بمُغادرة حظائرها طوال تلك الفترة، حتى تصل نسبة الدهون إلى اللحوم 50% إلى 50% وهذا يُنتج المذاق الشهي الذي يُميز هذا اللحم.
ويُضيف موقع «بينزنس إنسايدر» أن الهدف من تسمين الأبقار ووصولها للنسبة السابقة يكون بهدف تكوين قطع لحم رخامية يتساوى فيها اللحم مع الدهون، ويُعتبر لحم البقر في «كوبي» اليابانية في محافظة «هيوغو» من أغلى سلالات «الواغيو» ويرجع للعجول أو الثيران المخصية، أما أندر أنواع لحوم «الواغيو» فهو واغيو الزيتون ويعود لماشية يتم تسمينها بإضافة قشور زيتون مُجففة ومضغوطة، وقد ارتفعت قيمة الصادرات اليابانية من أبقار «الواغيو» بأكثر من 200% خلال الـ5 سنوات الماضية.
مذاق فريد
المذاق الفريد من لحم بقر الواغيو الرخامي للغاية يجعل تجربة تناول الطعام لا مثيل لها، هذا هو السبب في أن لحم بقر واغيو يجد طريقه إلى أواني الطهاة والمطاعم الفاخرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة التي استوردت هذا اللحم لأول مرة في عام 1975.
إلى جانب كل ما سبق فليست مُتعة تذوق اللحم الفريد فحسب هي ما يُميز هذا النوع من اللحوم، بل أيضاً لكونها صحية حيث اكتشف خبراء الصحة أن نسبة الدهون الأحادية غير المُشبعة إلى الدهون المشبعة أعلى في الواغيو عنها في لحوم البقر الأخرى، كما أن الدهون المشبعة الموجودة في الواغيو مختلفة، كما تُعتبر ذات تأثير ضئيل في رفع مستويات الكوليسترول، ويعتبر لحم بقر الواغيو الرخامي أكثر فائدة وصحة للإنسان.