أكد اقتصاديون لـ«الرؤية» أن قيمة الريال اليمني تهاوت إلى أدنى مستوى للمرة الأولى في تاريخ العملة اليمنية، حيث تخطت قيمة الدولار الأمريكي ألف ريال يمني، مشيرين إلى أن هذا الانخفاض بسبب 5 عوامل رئيسية، أبرزها انفلات السوق النقدية، وتراجع الحركة الاستثمارية في البلاد بسبب حالة عدم الأمان، إلى جانب الإقبال المتزايد على شراء العملات الأجنبية، وتوقف التصدير إلى الخارج، وتزايد رحلات السفر للعلاج.
وقال محمد قحطان أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز إن مسألة التدهور السريع في قيمة الريال اليمني ترجع إلى عدة أسباب، أبرزها انفلات السوق النقدية في ظل غياب الدور العملي للبنك المركزي للسيطرة على السوق ووقف هذا التدهور، وتراجع الحركة الاستثمارية في البلاد بسبب حالة عدم الأمان، إلى جانب الإقبال المتزايد على شراء العملات الأجنبية نتيجة الانقسام المالي الذي تشهده البلاد مع وجود طبعتين نقديتين مختلفتين.
وأضاف قحطان أن هناك ارتفاعاً كبيراً في الطلب على العملات الأجنبية ومحدودية عرض النقد الأجنبي، الأمر الذي يرفع من قيمة هذه العملات أمام قيمة الريال اليمني، في ظل تضخم مدفوعات الدولة للخارج بصورة غير مقننة لا تعتمد على ضوابط مؤسسية بالذات في جانب المدفوعات، بالتوازي مع توقف حالة التصدير من البلاد.
ولفت أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز إلى وجود حالة من الفساد في الأوعية الإيرادية الأمر الذي يؤدي لاختلال تدفق الموارد المالية من هذه الأوعية إلى الخزينة العامة المتمثلة بالبنك المركزي وفروعه في المحافظات، ما يخلق عجزاً كبيراً في دفع أجور موظفي الدولة والنفقات التشغيلية لمؤسسات الدولة؛ مشيراً إلى أن اللجوء إلى إصدارات نقدية جديدة لتغطية هذا العجز مع جمود حركة الاستثمارات والتدهور الاقتصادي ينعكس بالمزيد من التدهور على قيمة الريال.
وأوضح أن من ضمن الأسباب التي خلقت هذا التدهور في قيمة الريال أيضاً تزايد رحلات السفر إلى الخارج، خاصة المرضى في ظل غياب خدمات الرعاية الصحية، ما يشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد الوطني نتيجة حالة الإقبال الكبيرة على شراء العملات الأجنبية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، في ظل وجود سوق صرافة مضطرب يخلق حالة من الفوضى.
من جهته، أفاد الخبير الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي بأن هناك جُملة من الحلول المبدئية لإيقاف هذا التراجع السريع، من ضمنها إجراء هيكلة عاجلة لإدارة البنك المركزي وربط فروعه بالمحافظات بالفرع الرئيسي في عدن، وإلغاء حسابات المؤسسات الحكومية في البنوك التجارية وربطها بحساباتها المخصصة في البنك المركزي، والتوقف عن طباعة أو تصدير أي كميات جديدة من العملة الوطنية.
وشدد المساجدي على أهمية ضبط شركات ومحلات الصرافة ومنعها من بيع العملات الأجنبية إلا وفق شروط معينة وبكميات محدودة، وربط التجار الراغبين بالحصول على العملة الصعبة اللازمة لتوفير فواتير استيراد السلع عبر البنك المركزي فقط، وكذلك ربط جميع شركات تحويل الأموال بشبكة موحدة والإشراف على عملياتها.
بدوره أكد الباحث الاقتصادي ماجد الداعري أن الانهيار الذي وصل إليه الريال اليمني يمثل بداية الكارثة المصرفية والمعيشية الأخطر على من تبقى من شريحة مجتمعية قادرة على توفير وإيجاد القوت اليومي الضروري.
وأضاف أن صرف الريال اليمني يتهاوى بوتيرة أسرع وبفارق أكبر في ظل تراجع مستوى الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي، الأمر الذي سيلقي بتبعاته على معيشة السكان بالذات مع تخطي قيمة الريال حاجز الألف ريال أمام الدولار الأمريكي.