غنوة كنان

رفعت الصين مؤخراً سقف الحد الأقصى للإنجاب الذي كان محدداً بطفلين لكل زوجين، إلى 3 أطفال، وجاء هذا القرار بعد بضعة أسابيع من نشر نتائج التعداد السكاني الأخير، والذي كشف عن تراجع حاد في معدلات الإنجاب في الدولة الأكثر تعداداً للسكان في العالم.

وفي الوقت الذي تكافح فيه الصين مع معدل عالٍ من المسنين، مقابل أدنى معدل مواليد منذ عقود، تحث الحكومة الأزواج على إنجاب طفل ثالث لمواجهة مشكلات مستقبلية أبرزها نقص الأيدي العاملة.

ورصد موقع راديو العالم الأمريكي ردود الفعل في الصين، عقب إعلان القرار، والتي كانت مغايرة لأهداف الحكومة.

الصين لديها أدنى معدل مواليد منذ عقود وفقاً لآخر تعداد سكاني. (أ ف ب)


بعد الإعلان، انتشرت ردود ساخرة من القرار من جانب بعض الصينيين الذين اعتبروا أن الأزواج يموتون تحت ضغط رعاية المسنين وتربية 3 أطفال في الوقت ذاته.

أخبار ذات صلة

زيادة صادرات الصين من السيارات الكهربائية أكثر من الضعف
الصين تحتاط لفساد أقارب المسؤولين بتوسيع قواعد حكومية

وقال الموقع إن الموقف لا يعتبر مجرد مزحة بالنسبة للحكومة باعتبارها تمتلك أكبر عدد سكاني في العالم، إلا أنها لديها أدنى معدل مواليد منذ عقود وفقاً لآخر تعداد سكاني.

نقص في المال والوقت

وقالت كريستينا وانغ، وهي معلمة في شنغهاي: «اعتقدنا جميعاً أن الأمر مزحة، لقد كان مضحكاً جداً ولا يصدق، لم يأخذه أحد على محمل الجد».

وذكر الموقع أن وانغ وزوجها يحبان الأطفال، وقبل 9 سنوات، أي قبل أن تسمح الحكومة للأزواج بإنجاب أكثر من طفل واحد، استقالت من وظيفتها الجامعية وأنجبت طفل ثانٍ بشكل غير قانوني، ولكنها تستبعد أن تنجب مرة أخرى.

تعاني الصين من تراجع حاد لمعدل الولادات في الدولة التي تعد الأكثر تعداداً بالسكان في العالم. (أب)


وقالت وانغ: «أنا بالتأكيد لن أنجب طفلاً ثالثاً، وحتى لو كنت أصغر بعشر سنوات فلن أفكر في ذلك».

وأشارت وانغ إلى أن وتيرة الحياة في شنغهاي باتت سريعة جداً، وكلفة المعيشة مرتفعة للغاية، فهناك حاجة للكثير من الموارد، ما سيجعل أمر إنجاب طفل آخر أكثر كلفة.

وأضافت أن السياسة الجديدة لا تأخذ هذه الأعباء في الاعتبار.

وقالت: «يبدو أن عدد الشباب في تناقص، والمصانع ليس لديها عدد كافٍ من العمال، لذلك عليك أن تكون وطنياً وتنجب المزيد من الأطفال، ولكن هذا ليس عدلاً».

وبعد الإعلان عن الخبر، أجرت وكالة أنباء الصين شينخوا، استطلاعاً عبر الإنترنت، و قال 23 ألف شخص من المشاركين إنهم لا يريدون طفلاً ثالثاً، بينما قال 1200 فقط أنهم لا يمانعون، وبعد ذلك تم إيقاف الاستطلاع وإزالته.

عدد الشباب في تناقص، والمصانع ليس لديها عدد كافٍ من العمال. (رويترز)


ومن ناحيتها، اعتقدت آشلي فو، وهي أم جديدة في شنغهاي، أن الأمر مضحك، حيث إن ابنتها البالغة من العمر 6 أشهر فقط تستيقظ 6 أو 7 مرات ليلاً، ما أنهكها ودفعها لترك وظيفتها بسبب قلة النوم.

وقالت: «لا أعتقد أن هذه السياسة تخص أشخاصاً مثلي، إنها للأشخاص فاحشي الثراء، حيث إن إنجاب الطفل بات أمراً مكلفاً».

وقال مواطن آخر يدعى جيانغ تيان، وهو أب لطفلين، إنه لا يريد التفكير في إنجاب طفل ثالث.

بالموارد المالية وموارد الوقت لتربية الطفل


وأضاف: «طفلاي يستهلكان حياتي بالكامل فكيف أفكر بثالث، الوقت والخبرة والطاقة والقدرة العقلية والمالية لقد بلغت الحد الأقصى من كل هذا».

مشكلة حقيقية

وقال الموقع إن جميع هذه الأمور تمثل مشكلة كبيرة للصين، التي يتقدم عدد سكانها في السن، بينما تتقلص قوتها العاملة أيضاً.

رفض الصينيين للإنجاب يضع الصين التي يتقدم عدد سكانها في السن بينما تتقلص قوتها العاملة أيضاً في مشكلة كبيرة. EPA


ومنذ عام 1980 إلى 2015، سمحت الحكومة لمعظم العائلات بإنجاب طفل واحد فقط، وبعد ذلك أدركت بكين أن سياسة الطفل الواحد نجحت بشكل جيد، وحاولت الحكومة تصحيح معدل المواليد من خلال السماح للجميع بإنجاب طفلين.

وقالت إيريس يانغ وهي خبيرة اقتصادية إن الحكومة قلقة للغاية، ويعتقدون أن هذا ليس أفضل حل لزيادة عدد السكان، ولكنه في الوقت الحالي يعتبر الأسرع.

وأشارت إلى أن عدد الأطفال الذي تسمح به الحكومة لا يهم، حيث إن الأمر لا يتعلق بالرقم، إنما بالموارد المالية والوقت لتربية الطفل.

حاولت الحكومة تصحيح معدل المواليد من خلال السماح للجميع بإنجاب ما يصل إلى طفلين. (رويترز)


وتابعت يانغ أن الشباب نشؤوا بدون أشقاء، فمن المحتمل أنهم قلقون بالفعل بشأن الوقت والمال، فهم سيعلمون أنهم سيعتنون بوالديهم المسنين، ويربون أطفالهم، ومن ثم يساعدون في رعاية أحفادهم.

وأشارت يانغ إلى أن الشباب باتوا يركزون على أنفسهم أكثر في هذه الأيام، فبالنسبة لسكان الحضر وخاصة الطبقة المتوسطة فهم أكثر تردداً في إنجاب الأطفال.