تبدأ حياة الإنسان في عالم المعرفة بسماع من يقرأ عليه القصص ويعلمه، فالسمع المرتبط بالقراءة لا يُعدّ بداية الطريق للمطالعة فيما بعد، لكنه بداية اكتشاف الحياة.
وأكد عدد من الكتاب، في آخر أيام معرض الشارقة القرائي للطفل، السبت، لـ«الرؤية» أن القراءة للطفل ليست للتعليم فقط وإنما لتنمية الإبداع والذكاء العاطفي لديه أكثر، كما أن من شأنها تعزيز العلاقات الأسرية.
القراءة التفاعلية
وقالت الكاتبة نور عرب، إن القراءة للأطفال فيها مشاركة وتفاعل وحوار، وتنمية الإبداع والذكاء العاطفي لدى الطفل أكثر، فمن خلال الحوار مع الأطفال عن القصة ندخل إلى عالمهم المليء بالخيال ونبني جسراً بيننا وبينهم، مشيرة إلى أنه لا بد من القراءة للأطفال من عمر مبكر جداً ولا مانع طبعاً من تركهم يطالعون بأنفسهم، لكن لا بد من متابعة ما يطالعونه والتأكد من محتواه.
وأضافت عرب، أن الجانب الأهم والذي يجب ألَّا نغفل عنه تعزيز علاقة الطفل بأسرته من خلال القراءة؛ لأنها تسهم في دعم الروابط بين الطفل وأمه وأبيه، وهذا يؤدي إلى تعزيز الذكاء الوجداني، فالقراءة التفاعلية تؤثر على الطفل وتزيد مستوى ذكائه، مشيرة إلى أنه يجب ألا ننسى أن القراءة تمنح الطفل معارف وخبرات حياتية ثمينة قد تساعده في مواجهة الأحداث والصعاب المستقبلية.
نمو دماغ الطفل
وأكدت الكاتبة فاطمة المزروعي، أن القراءة لها تأثير إيجابي على نمو الدماغ، موضحة أنّ البدء في القراءة مبكراً مع الطفل يعتبر أمراً رائعاً ويعزز الروابط القوية والمحبة بين الطفل ووالدته، كما أنه يساعد أيضاً على نمو دماغ الطفل وغرس حب القراءة عنده في سن مبكرة.
وأشارت إلى أنه كلما زاد عدد الكلمات التي يسمعها الطفل خلال الأشهر الأولى من عمره، كلما ساعده ذلك على تقوية مهاراته اللغوية، موضحة أنّ الطفل يفرح كثيراً بسماع الأصوات وتقليدها من والديه على حسب القصة، كما أنَّ تعبيرات الوجه المختلفة أيضاً تساعد الصغار على زيادة انتباههم، وإطالة فترة القراءة لهم.
وذكرت أنَّه يجب إتاحة الفرصة للطفل للإمساك بالكتاب وتحسس الصور، والأوراق بهدف التعرف عليه، وزرع المحبة وتقوية العلاقة معه، مشيرة إلى أن القراءة يمكن أن تفيد الطفل في مختلف الأعمار.
مهارة الاستماع
من جانبها، قالت الكاتبة سميرة خليفة، إن القراءة للأطفال وتركهم يطالعون بأنفسهم عنصران مهمان جداً، موضحة أنه حينما نقرأ للطفل ننمي عنده مهارة الاستماع والتركيز على مخيلته، وتنمية مهاراته الأخرى، والتركيز على الألفاظ ومخارج الحرف، كما أن مشاركة الأهل أطفالهم القراءة ومناقشة الطفل في محاور الكتب، والإجابة على أسئلة الطفل المختلفة التي قد يتساءل عنها داخل القصة يساعد على زيادة مدارك الصغار.
وأضافت أنَّ أحد الأسباب العديدة لأهمية القراءة وفوائدها للفرد والمجتمع في حياتنا هو أنها تسمح بالتفكير الإبداعي، كما يمكن للقراءة أن تلهمك عندما تشعر بالملل أو بالإحباط، ويمكن أن تساعدك في إعطائك هذا الانتعاش الذي تحتاج إليه، كما تساهم في الحصول على الجانب الإبداعي من عقلك في التفكير.
فرص وظيفية
ولفت الكاتب وليد المرزوقي، أن القراءة للأطفال أفضل لأنَّ المشاعر تصل أكثر، مشيراً إلى أنه عندما يقرأ الطفل بنفسه فقد يحس بالملل، لكن عندما نقرأ القصص للأطفال نوصل تعبيرنا ومشاعرنا بشكل أكثر واقعية، ويكون أقرب بكثير للأطفال، فإننا نقرأ القصة ونشرحها لهم ونعيش الأجواء معهم.
وأشار المرزوقي إلى أنه بالقراءة للأطفال يمكن أن نساعد في تحسين مفرداتهم، ونساعد على نطق الكلمات الجديدة بصوت عالٍ على تذكرها بشكل أفضل والتقاطها، ما يجعل هذه الكلمات الجديدة جزءاً من مفرداتهم اليومية، ويعتبر الأشخاص ذوو المفردات العالية أكثر ذكاءً، وغالباً ما يتم التعامل معهم بجدية أكبر في بيئة العمل، ما يفتح فرصاً وظيفية أفضل.
ونوه إلى أنه لا شك أن القراءة تعتبر من أفضل وسائل التعليم غير المباشر للأطفال، وتفتح لهم عالماً جديداً من الثقافة والمعرفة وإدراكه للبيئة المحيطة من حوله.
تجويد النصوص
وقالت الكاتبة نادية النجار، إن القراءة المباشرة من الكتاب الورقي مرحلة مهمة، ويجب أن يخوضها كل طفل، على أن تواكب القصص المكتوبة للأطفال طموحهم ورغباتهم، وتلبي تأثرهم بالتكنولوجيا الحديثة، وهو ما يضع أمام الكتاب اليوم تحديات تتصل بتجويد النصوص، لينتقل التحدي بعد ذلك إلى الرسام ثم إلى الناشر، بهدف إخراج منتج يشجع الطفل على ترك ما في يديه من أجل القراءة.