الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، حلم يراود الشباب، لما تتمتع به الدبلوماسية من عوامل تساهم في إثراء شخصية الفرد، بما يجعله عنصرا مفيدا لمجتمعه ووطنه.
لا يخفى على أحد أنه مع التطورات التي شهدتها منطقتنا العربية في الأعوام الأخيرة، بات العمل الدبلوماسي، واحدا من أهم الأدوات التي تمارسها الدول، للحفاظ على مكتسباتها أو تحقيق مكتسبات جديدة، ومن ثم تعاظمت لدى الشباب أهمية الالتحاق بالسلك الدبلوماسي.
«الرؤية» التقت الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، ليزيح الستار عن التحديات التي واجهها في حياته المهنية، وكيف تمكن من التغلب عليها، وأبرز النصائح التي وجهها للشباب.
* كيف ترى العمل الدبلوماسي؟
الدبلوماسية مهنة تفرض إيقاعها وظروفها على من يعمل بها، وتتحول إلى أسلوب حياة ومنهج متكامل لابد من تقبله، فالدبلوماسي يجب أن يكون متفتحا، متسامحا، لديه القدرة على استيعاب الكثير، والتفهم والتفاعل بشكل إيجابي مع الجميع، خاصة وأنه ينفتح على كثير من الثقافات، وأنماط البشر والأديان، والطوائف.
*إذا ما هي السمات الواجب توافرها في العاملين بالسلك الدبلوماسي؟
لابد من توفر شيئين أساسيين؛ الأول: هو القدرة على التواصل، مع الجميع، بكل مستوياتهم وثقافاتهم، وأيضا القدرة على الاستفادة من تجارب الآخرين، دائما أقول «مهما كان مجتمعك و مجتمع الغير، فهناك شيء تأخذه وتستفيد منه، وشيء تفيد به، وهذه أمور من شيم الدبلوماسي السليم».
*ما هو أصعب تحد واجهك في حياتك الدبلوماسية؟ وكيف تعاملت معه؟
الحياة مليئة بالتحديات، لكن يجب التعامل معها بالصبر والذكاء، والفطنة والمثابرة، والأمل في الله وعطائه للإنسان على قدر عمله واجتهاده، فالإنسان يواجه أمورا كثيرة لا تسير على النمط الذي كان يريده، أو على الشكل الذي كان يأمل فيه.
والحقيقة أن ما حدث في يناير 2011 في مصر، كانت أكبر تحدٍ واجهني خلال مسيرتي المهنية، فحياتي قبلها كانت تتقلب ما بين نجاحات هنا، وتصاعد وتطور في العلاقات هناك، بشكل يرضي طموحاتي المهنية، لكن مع الثورة تعرضت للعديد من المواقف التي كان من الممكن أن تقضي على طموحاتي المهنية، ومسيرتي بالكامل، حالي كحال العديد من الدبلوماسيين في ذلك الوقت، خاصة مع نظرة الثوار لأغلب العاملين في الحقل الدبلوماسي، بل والرسمي، بأنهم جنود الحكومة وأتباع النظام.
بعدها تم تعييني سفيرا لمصر في البرازيل، وهي لم تكن من طموحاتي، وتوقع البعض أنها ستكون نهايتي المهنية، لكن على العكس أحسنت الأداء في البرازيل، وسارت الأمور بشكل لم يتوقعه أحد، وعندما أنهيت عملي هناك، تم تعييني مساعدا لوزير الخارجية للشئون الأوروبية، ومنها انتقلت إلى المنصب الرفيع الذي اشغله الآن؛ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وهو منصب يلبي طموحاتي.
* بماذا تنصح الجيل الجديد من الدبلوماسيين؟
نصائحي للدبلوماسيين الشباب، كثيرة وعديدة لكن أهمها، أن حب المهنة يقود إلى الإبداع فيها، وأطالبهم بضرورة أخذ التجارب وتراكمها، واستيعابها بالشكل الذي يرفع من مستواهم، ويعلي من أدائهم المهني. الدبلوماسيون الشباب هم جنود هذه المهنة، والواجهة الحقيقية لبلادهم في الخارج.
*ما هي نصائحك للشباب بشكل عام؟
أنصح الشباب، من واقع خبرتي، بأن يحاولوا قدر الإمكان تحديد هدفهم، ثم يضعوا خطة لتحقيقه، فالحياة بدون هدف «روتينية وسخيفة»، ويمكن أن تأخذ الإنسان في دوائر مفرغة تجعل وجوده نفسه بلا معنى، وحتى يستطيع الشاب تحقيق هذا الهدف، لا بد من رؤية وخطة، فبدونهما لا تتحقق الأماني والأحلام.
*ما ضريبة العمل الدبلوماسي؟
الأبناء هم من يدفعون الضريبة الأكبر لعمل آبائهم في السلك الدبلوماسي. الدبلوماسية توفر لكل من يتزوج ويعيش مع أبنائه في الخارج، فرصة هائلة لكي يتربى هؤلاء الأبناء على مفاهيم مختلفة، من الانفتاح والتعرف على الآخر، وحب الحياة بشكل فيه تنوع واستيعاب لمختلف النماذج الموجودة، لكنها في الوقت نفسه تصيب بعض أبناء الدبلوماسيين، باضطرابات نفسية بسبب ظروف التنقل المستمرة، وما يترتب عليها من فقد الأصدقاء، وترك المدارس، والجيران، وغيرها من الأمور التي تؤثر سلبا على نفسية الأبناء.
* هل تمتلك جامعة الدول العربية مبادرات خاصة بالشباب؟
قضايا الشباب في صلب اهتمام جامعة الدول العربية، والحديث عن مبادرات وموضوعات الشباب يحتاج إلى فترة طويلة، حيث نفذت الجامعة عشرات المبادرات على مدى السنوات الماضية، في إطار مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وهو مجلس يشرف على تنسيق العمل العام بين الدول العربية وبعضها البعض على مستوى الشباب، وعلى مستوى الرياضة، لكن تأثرت تلك المبادرات مع انتشار فيروس كورونا، وإن كنا نأمل في عودتها نهاية العام الجاري؛ للارتقاء بمستوى الشباب العربي، و تأهيلهم بالشكل المناسب