تظل سيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لدولة الإمارات، طيب الله ثراه، تاريخاً تتوارثه الأجيال، ونبع عطاء لا ينضب على مر الأزمان، فقد كرس الراحل حياته لخدمة قضايا أمته العربية ونشر التسامح والسلام بين الشعوب، ومد يد العون للمحتاجين، بحسب دبلوماسيين ومثقفين عرب تحدثوا لـ«الرؤية».
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وسفير مصر الأسبق لدى الإمارات، فهمي فايد، قال إنه كان من المحظوظين الذين تعاملوا مع الشيخ زايد في أكثر من مناسبة، لافتاً إلى أن الراحل كان دائم الترحيب بالمصريين، وكانت له مقولة شهيرة إن «الإمارات وطن لكل مصري شريف».
وصفة تسامح وسلام
وأضاف فايد لـ«الرؤية»، أن الشيخ زايد، كانت له مبادرات إنسانية عظيمة، وكانت أعماله تجسيداً للعطاء الإنساني في أبهى صوره، سواء على الصعيد العربي أو العالمي.
وأضاف فايد أن الشيخ زايد كان يرى أن العطاء الإنساني أساس التنمية، وكانت له الكثير من المواقف التي تؤكد أنه استحق عن جدارة لقب حكيم العرب، فكان يرى أنه بالتسامح والسلام يمكن التعامل مع كافة المشاكل التي تواجه العالم.
وأوضح فايد أن يد الشيخ زايد المعطاءة امتدت إلى مستشفيات مصر، خاصة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، ومستشفى زايد في مدينة نصر.
وبين أن هناك مشاريع تنموية للشيخ زايد في صعيد مصر، منها مشروع ترميم المعاهد الأزهرية للحفاظ على تراث الأزهر.
وأوضح فايد، أن المصريين الأقباط الموجودين في أبوظبي، استطاعوا خلال فترة الشيخ زايد، بناء كنيسة أرثوذكسية في العاصمة، وهو ما يبرهن على السماحة وقبول الآخر.
مساعدات إنسانية وإنمائية
وأشار سفير مصر الأسبق في الإمارات، إلى أن الراحل قدم منحاً وقروضاً لمصر في مجال التعليم والصحة، وساهم في إعادة إعمار مدن قناة السويس بعد حرب 1973، و تبرع بـ20 مليون دولار لإعادة إعمار مكتبة الإسكندرية.
وتابع فايد، أن الشيخ زايد قدم أيضاً مساعدات إنسانية وإنمائية للسودان والبحرين وباكستان والمغرب، والأردن، واليمن، والجزائر، ولبنان، وساهم في إعادة إعمار لبنان، كما دعم أنشطة المسلمين المعتدلين بالبوسنة والهرسك، وأرسل طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية لليونان، بعد وقوع زلزال عام 1999 والذي أدى إلى مقتل العشرات في أثينا ومناطق شمال غربها.
نموذج راق للعمل الإنساني
ومن جانبها، قالت مديرة بيت الشعر بالقيروان، الشاعرة التونسية جميلة الماجري، إن ما تقوم به مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، يجسّد الفكر الاستشرافي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وما عرف عنه من السعي إلى تحقيق أهداف إنسانية كبرى، تتجلى اليوم فيما تقوم به هذه المؤسسة من أعمال الخير المتنوعة، والتي تتجاوز دولة الإمارات، لتبلغ أقاصي العالم.
وأشارت إلى أن مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية يد خير يفيض عطاؤها في الأوساط الاجتماعية التي تعاني الفقر وقلة الموارد في مختلف دول العالم.
وأوضحت الماجري أن الشيخ زايد، رحمه الله، رسم خطة تنفذها اليوم هذه المؤسسة بجهد وأمانة وإخلاص، حيث تواصل تنفيذ المشاريع الخيرية في أنحاء العالم وأقاصيه، مثل المساعدة على حفر آبار ارتوازية في قرى وأرياف تعاني قلة المياه في تونس، وموريتانيا، والمغرب، وتوزيع أغذية قبل رمضان على أرامل و عائلات مسلمة في الهند وروسيا، من خلال سفارات دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه البلدان.
وأضافت مديرة بيت الشعر بالقيروان، أن مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية كثفت جهودها في ظل انتشار جائحة كورونا، حيث نفذت مشاريع صحية في عدد من الدول كإرسال مستشفيات ميدانية، والمساعدات في توزيع اللقاحات، ودعم التعليم عن بعد، وغير ذلك من مجالات الدعم، لتظل نموذجاً راقياً ومثالياً للعمل الإنساني في أعلى تجلياته.
قومية عربية
يقول مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير أشرف حربي، إن الشيخ زايد، رحمه الله، كان رجلاً قومياً عربياً أصيلاً، قدم الكثير للأمة العربية والإسلامية.
وأشار حربي لـ«الرؤية» إلى أن الشيخ زايد، عُرف بحكيم العرب؛ لدوره في تهدئة النزاعات والخلافات، التي كانت تثار خلال فترة حياته بين الدول، فقد دعا في أكتوبر من عام 1980 إلى عقد قمة عربية لوقف الحرب الأهلية في لبنان، وفي عام 1991 عمل على مصالحة الكويت والعراق، وفي نفس العام أيضاً فتح أبواب دولة الإمارات العربية المتحدة أمام الأسر الكويتية التي فرت من جحيم الحرب.
العالم يدرك قيمته
وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي، يرى أن العالم العربي كله يدرك من هو الشيخ زايد وقيمته، فقد امتلك سيرة حباه الله بها.
وقال العرابي لـ«الرؤية» إن الشيخ زايد كانت له العديد من الإسهامات في حفظ السلام، منها عملية استعادة الأمل في الصومال مع الأمم المتحدة عام 1992، وفي عام 1994 بذل جهوداً كبيرة لإحلال السلام في اليمن، وفي عام 1998 عمل على حفظ السلام في دولة كوسوفو، وفي عام 1973 ساعد مصر وسوريا في حرب أكتوبر، حيث قال: «إن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي»، وقدم دعماً مادياً لمصر وسوريا أثناء الحرب، وصلت قيمته إلى 100 مليون جنيه استرليني.
نصير الحق والسلام
قال السفير الفلسطيني السابق في القاهرة، بركات الفرا، إن الشيخ زايد، كان ساعياً بشكل دائم إلى حل الخلافات بين الدول العربية.
وأضاف أن دولة الإمارات شاركت بقوة عسكرية من جيشها ضمن قوات الردع العربية، التي أرسلت إلى لبنان خلال الحرب الأهلية للمشاركة في محاولة ضبط الأمن هناك.
ووصف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بلبنان، الدكتور رائد المصري، الشيخ زايد بأنه رائد العمل الخيري والإنساني، فقد ناصر قضايا الحق والسلام، وساعد المحتاجين والمنكوبين في كافة أقطاب العالم.وأضاف المصري لـ«الرؤية» أن الشيخ زايد تسلم العديد من الجوائز تقديراً لإسهاماته للإنسانية وجهوده، ورعاية الجاليات الأجنبية العاملة في الدولة.
إرث استثنائي
من جهتها، اعتبرت أستاذة الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال بالجامعة اللبنانية في لبنان، الدكتورة جنى بدران، أن هناك حاجة إلى الحفاظ على إرث الشيخ زايد الاستثنائي والسابق لعصره من حيث نظرته لدور المرأة وقيمتها.
وأضافت لـ«الرؤية» أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فطن قبل غيره بكثير لدور المرأة، وسبق عصره، في تمكينها وتغيير كثير من المفاهيم التقليدية الموروثة عنها.
حاكم عادل
أما أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، فقال لـ«الرؤية» إن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان حاكماً عادلاً يتخفى ويسير في الشوارع لتفقد أحوال الناس، وتقديم المساعدة للمحتاجين، وكان يقدم في شهر رمضان المساعدات لكل مواطني دولة الإمارات وضيوفها، كما كان يأمر بتخفيض أسعار كل البضائع خلال الشهر الفضيل، على أن تعوض الدولة التجار.
ويقول الأمين العام للمنظمة القومية للأدباء والكتاب السودانيين، الفاتح حمدتو، لـ«الرؤية» إن الشيخ زايد كان رمزاً للعطاء الإنساني، ومن مقولاته: «إننا نؤمن بأن خير الثروة التي حبانا الله بها يجب أن يعم أصدقاءنا و أشقاءنا»، وهناك كثير من الشواهد حول العالم تحكي عظمة هذا القائد في إغاثته للمناطق المنكوبة حول العالم من جراء السيول والفيضانات والزلازل.