التطور التكنولوجي الطبي مضطرد ومتسارع، فلا نلبث أن ننشغل بأحد ابتكاراته حتى تتداول وسائل الإعلام آخر لا يقل عنه إبهاراً وأهمية.
قبل أسابيع أعلنت "Neuralink"، وهي إحدى الشركات البحثية عن نجاح إحدى تجاربها بزراعة شريحة في دماغ قرد، الغرض منها قراءة أفكاره أثناء عرض لعبة أمامه، ومن ثم تحويلها لفعل دون أن يحرك القرد يديه، وبالفعل نجحت التجربة.
ولنعرف كيف تم القيام بذلك ومدى أهميته بعلاج بعض الأمراض المستعصية مستقبلاً، علينا أن نفهم أن اللبنة الأساسية لجميع التجارب مبنية على تخطيط كهربائية الدماغ Electroencephalogram "EEG”، والذي من خلاله نستطيع أن نعرف ونحدد على وجه الدقة تفاعل الدماغ مع كل نشاط حركي وفكري وحسي يقوم به الإنسان.
كانت أولى تجارب تخطيط الدماغ بواسطة العالم الألماني هانز بيرجر في العام 1924، وكان الغرض الأساسي منها ولا يزال إلى يومنا هذا الكشف عن الصرع والتشنجات أو اعتلالات النوم، ومشاكله وتحديد بؤرتهما الدماغية، وابتداء من سبعينات القرن المنصرم، بدأ البحث فيما يُعرف الآن بالواجهة البينية بين الدماغ والآلة أو الحاسوب
Brain computer interface "BCI”، وهو علم لا يستخدم في الممارسات الإكلينيكية الطبية وإنما يقوم على فهم إشارات الدماغ الناتجة عن أداء وظائف بعينها، ومن ثم تسييرها لأوامر يتم تنفيذها بواسطة أجهزة خارجية كالروبرت مثلاً، وذلك لاستخدامها مستقبلاً لمساعدة المرضى المصابين بعوارض عصبية عضلية مزمنة كجلطات الدماغ والشلل والتصلب اللويحي وغيرها، وللإسهام بعلاجهم وإعادة تأهيلهم، وذلك بفهم ما يدور بعقلك عبر تحليل إشارات الدماغ أثناء التفكير بها، ومن ثم الطلب من أجهزة مساعدة القيام بها نيابة عنك.