لم تتوانَ المملكة الأردنية الهاشمية عن النهوض بواجبها الإنساني خلال الأزمات العربية، ولطالما فتحت أبوابها لاستقبال المنكوبين من الشعوب العربية، وخاصة خلال الأزمة السورية التي تعد الأطول والمستمرة منذ 10 سنوات، حيث استقبل الأردن عدداً هائلاً من اللاجئين السوريين.
ولجأ 6.6 مليون سوري إلى مختلف دول العالم، منهم 5.6 مليون تستضيفهم الدول المجاورة، في حين نزح حوالي 6.7 مليون سوري داخل بلادهم.
ووفقاً لمركز كارينغي لدراسات الشرق الأوسط، بلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن في يونيو 2015، أكثر من 620 ألفاً، جميعهم مسجلون لدى وكالة الأمم المتحدة للاجئين في الأردن.
ويقطن حوالي 10% فقط من أولئك اللاجئين في مخيمات اللجوء، بينما ينتشر الباقون في المجتمعات المحلية.
وفي الإجمال تستضيف المملكة نحو مليون و300 ألف مواطن سوري.
وفي تصريح خاص لـ«الرؤية»، قال الناطق باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، إن الأردن هي ثاني دولة في العالم في استضافة اللاجئين، من حيث نسبة اللاجئين للمواطنين التي تعادل لاجئاً لكل 11 مواطن.
وأضاف أن الكرم الأردني في استضافة اللاجئين جلي، وأوضح أنه منذ افتتاح مكتب المفوضية في الأردن قبل 30 عاماً تعمل السلطات الأردنية والمفوضية جنباً إلى جنب لتوفير أفضل الإمكانيات للاجئين في الأردن.
تمكين اقتصادي
ورغم التحديات الاقتصادية، لم تتوانَ المملكة الأردنية الهاشمية عن مد يد العون والإغاثة للاجئين، وذلك انطلاقاً من القيم الإنسانية والأخلاقية والقومية والدينية الراسخة في نهج القيادة الحكيمة منذ تأسيس المملكة قبل 100 عام.
ووضعت الحكومة الأردنية العديد من الأفكار والمبادئ التي تهدف لدعم اللاجئين وتمكينهم ليكونوا فاعلين ومنتجين، وذلك لمساعدتهم على العيش الكريم ومن أجل دفع عجلة الاقتصاد.
ويقدم الأردن العديد من التسهيلات التي تصب في مصلحة اللاجئين وتأسيس حياة كريمة لهم، ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، يمكن للمقيمين في مخيمات اللاجئين الحصول على تصاريح عمل في جميع أنحاء البلاد في مهن مفتوحة لغير الأردنيين، ويمكن لحاملي تلك التصاريح العمل داخل المخيمات وخارجها.
وفي عام 2016، تعهدت حكومة الأردن بالاشتراك مع المجتمع الدولي بتحسين الظروف المعيشية لكل من اللاجئين السوريين والمجتمعات الأردنية المحلية المضيفة لهم، وآفاقهم المستقبلية وقدرتهم على الصمود في وجه الصعوبات.
وقال الحواري إن الأردن سجل العديد من المواقف الإنسانية المتواصلة منذ بداية الأزمة السورية التي تسببت في أكبر أزمة لاجئين في العالم منذ الحرب العالمية.
وأضاف أنه «على امتداد 10 سنوات صعبة بقيت أحضان الأردن مفتوحة للاجئين السوريين وامتد هذا الكرم بفتح قطاعات في سوق العمل أمامهم للاستفادة من خبراتهم ومن أجل دفع عجلة الاقتصاد المحلي».
وقد صمم البنك الدولي وحكومة الأردن برنامج توفير الفرص الاقتصادية للأردنيين واللاجئين السوريين باستخدام أداة تمويل البرامج في تعاون وثيق مع منظمة العمل الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأيضاً مع مجموعة من شركاء التنمية المعنيين في الأردن.
ومنذ عام 2016، يقدم هذا البرنامج الدعم للاجئين السوريين للدخول بصفة رسمية في سوق العمل في الأردن لتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم والإسهام في الاقتصاد الأردني.
دعم صحي وسط الجائحة
وعلى الرغم من الخلافات العالمية بين الدول فيما يخص توفير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، أصبح الأردن من أوائل الدول التي قامت بتلقيح اللاجئين وطالبي اللجوء عندما بدأت برنامج التلقيح في منتصف يناير الماضي.
وتوجد في الأردن أيضاً مجتمعات كبيرة من اللاجئين العراقيين والفلسطينيين بالإضافة إلى أشخاص من أكثر من 30 دولة.
وفي هذا السياق قال الحواري: «لم يكن مستغرباً أنه تم شمول اللاجئين ضمن الخطة الوطنية للاستجابة لفيروس كورونا من ناحية العلاج والمتابعة وأيضاً في الحصص العادلة في إعطاء اللقاح، كل هذا وذاك قدمه الأردن بالرغم من بنيته التحتية المرهقة».
وتابع: «نحن في مفوضية اللاجئين ممنونون للأردن لحمايته لهؤلاء المستضعفين على مر الأعوام الطويلة الماضية، نستطيع القول إن الأردن دستوراً وقانوناً وقيادةً وشعباً كانت الصديق العطوف على اللاجئين».
كما يؤكد الأردن دوماً على موقفه من الأزمة السورية، مؤكداً على أهمية الحل سياسي الذي يحفظ وحدة سوريا وتماسكها ويعيد لها أمنها واستقرارها وبما يسمح بعودة اللاجئين السوريين الطوعية والآمنة إلى بلادهم.