الرؤية ـ الشارقة

على متن «أيام الشارقة التراثية 18»، يعود كبار السن إلى الماضي، لتذوق حلاوة أيامه، بعضهم يجوب ساحاتها ويتنقلون بين بيئاتها، يشعرون بأنهم يسيرون في سكيك الفرجان العتيقة، بينما آخرون يفترشون الأرض، ويسندون ظهورهم إلى جذوع النخل، في لحظة تفتح أبواب ذاكرتهم، يطربون على أنغام فرق الفنون الشعبية، من عيالة وهبان وليوا، بينما دلال القهوة تدق حواف الفناجين، في علامة على كرم الضيافة الإماراتية.

لا تكاد الابتسامة تمحى عن ملامحهم وهم يجوبون الساحات ويتنقلون بين فعاليات الدورة الـ18 من الحدث الذي يستمر حتى 10 أبريل الجاري، وما أن تسألهم عن ما يدور في خلدهم، حتى تفيض مشاعرهم، وتلمع عيونهم فخراً واعتزازاً بماضيهم، فيتحدثون عن ذكرياتهم في هذا المكان، حيث كل شيء ينتمي إلى الماضي، عندما كانت البساطة هي سمة أيامهم.

في حديثه، يتذكر الوالد سالم ناصر أيام زمان، ويقول: «هذه الأيام أشعر بأنني أعيش طفولتي وشبابي من جديد، فكل ما يدور حولي يعيدني إلى تلك الأيام الجميلة، عندما كانت بيوتنا تصنع من السعف والحجارة والطين، وعندما كنا نذهب إلى البحر، للصيد وطلباً للرزق، حيث كنّا نمارس حياتنا بكل بساطة».

ويضيف: «تذكرني هذه الأجواء بتلك الأيام التي تعلمت فيها كافة الحرف المتعلقة بالبحر، فأنا عشت تلك الفترة التي كنا نبني فيها السفن، ونعمل فيها بفلق المحار، بينما الآخرون يذهبون في رحلات الغوص ويغيبون في البحر لأيام».

وتحت ظلال النخل، يتخذ الوالد سالم محمد سعيد مجلساً، يراقب كيف كانت تتم صناعة الحبل من «ليف النخل»، ويرسم ابتسامة على وجهه، تعبيراً عن سعادته في الأجواء، التي يصفها بـ«الجميلة»، ويقول: «أحب العيش في هذه الأجواء، فهي تذكرني بأيام الماضي، عندما كنا صغاراً، ونساعد عائلاتنا في حرفها، فقد تعلمت مهنة صناعة الحبل لسنوات طويلة، عن طريق والدي وأجدادي».

أخبار ذات صلة

تدريس إدارة الأموال لتلاميذ الابتدائية في بريطانيا
النحت بقش الأرز.. مهرجان سنوي للفنون من مخلفات الزراعة باليابان

ويضيف: «أحن إلى تلك الأيام، بكل ما فيها من بساطة، حيث كانت بيوتنا دافئة رغم صغرها، وبلا شك أن أيام الشارقة التراثية، تشبه أيام زمان، عندما كانت الناس تصنع السفافة والدعن وتجفف التمر».

أما راشد العبدولي، فيقول: «أحب أيام الشارقة التراثية، التي تتيح لنا رؤية الماضي وعيش أيامه، نتعرف من خلالها على طبيعة الحرف والمهن التي كانت سائدة في البلاد قديماً، ونتعرف على حياة الأجداد والآباء، وكيف تمكنوا من مواجهة قساوة الحياة»، ويواصل: «تعجبني فكرة أيام الشارقة التراثية، فهي السبيل لتعليم أبنائنا وأطفالنا أصول الحرف القديمة، ونطلعهم على ماضينا»، منوهاً بأن الحدث فرصة أمام أبناء الجيل الحالي لتعلم هذه الحرف، والتعرف على إرثنا وموروثنا الشعبي، قائلاً: «جمالية أيام الشارقة التراثية تكمن في أنها تمثل بوابة أمام السيّاح وزوار الدولة للتعرف على ماضينا وموروثنا الشعبي».