عزز صندوق النقد الدولي توقعات نمو الاقتصاد العالمي لعام 2021 من نسبة 5.5% في توقعاته الصادرة في يناير 2021 إلى نسبة 6.0%، والتي تعد أسرع وتيرة انتعاش على الإطلاق استناداً إلى البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي منذ عام 1980، كما خفض صندوق النقد أيضاً تقديرات الانكماش لعام 2020 من نسبة 3.5% المتوقعة في تقرير يناير 2021 إلى نسبة 3.3%، وفقاً لأحدث التقديرات الصادرة اليوم.
وعكست تلك المراجعة لتوقعات عام 2020 تحقيق نمو أفضل من المتوقع خلال النصف الثاني من عام 2020، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تخفيف القيود والتكيف مع الأوضاع الطارئة التي فرضتها الجائحة. وكانت التعديلات التي طرأت على توقعات عامي 2021 و2022 إيجابية بصفة عامة لكافة أنحاء العالم، عدا بعض الاستثناءات القليلة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نمو أسرع لحملة اللقاحات في النصف الثاني من عام 2021. وفي إطار تسليط الأضواء على استجابة السياسات غير المسبوقة الموجهة لاحتواء تداعيات الجائحة، ذكر صندوق النقد الدولي أن تأثير الجائحة سيكون أقل حدة مقارنة بالأزمة المالية العالمية في العام 2008، وخاصة بالنسبة للاقتصادات المتقدمة.
ومن المتوقع، أن تظل الاتجاهات الاقتصادية متباينة عبر الدول المختلفة من حيث سرعة التعافي والأضرار طويلة الأجل الناجمة عن الجائحة. ومن المتوقع أن تشهد الدول المتقدمة تعافياً بوتيرة أسرع من المتوقع، بفضل سياسات الدعم المالي بصفة رئيسية، ما أدى إلى تسجيلها نمواً إضافياً قدره 80 نقطة أساس لتصل إلى نسبة 5.1% هذا العام مقارنة بالتوقعات السابقة التي أشارت إلى تحقيق نمو بنسبة 4.3%.
وعلى الرغم من استمرار حالة عدم اليقين، فإنه من المتوقع موازنة المخاطر المتعلقة بالنمو قصير الأجل مع الزيادة الهائلة في المدخرات المتاحة في بعض الدول نتيجة لتراجع معدلات الإنفاق، والتي يمكن استخدامها بسرعة بالغة للحد من التأثيرات السلبية على الميزانيات العمومية للشركات والأفراد وانتهاء الأجل المحدد لتأجيل سداد أقساط القروض.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أنه فيما يتعلق بالسياسات المتبعة على المدى القريب، ستعتمد الإجراءات على المرحلة التي تعاصرها كل دولة على حدة في الوقت الحالي، بما يتسق مع مرحلة تفشي الجائحة وجهود عمليات التلقيح والخصائص الهيكلية للاقتصاد.
كما ينصح بتخفيف القيود بمجرد أن تصبح عمليات التلقيح واسعة الانتشار، وتتم إعادة الطاقة الفائضة في نظام الرعاية الصحية إلى مستويات ما قبل الجائحة، إلا أنه بصفة عامة، يجب أن تركز السياسات على إعطاء أولوية للإنفاق على الرعاية الصحية، وتقديم دعم موجه بدقة نحو المالية العامة، والحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية. وفي المرحلة التالية مع تقدم مسيرة التعافي، سيتطلب الأمر تركيز الحكومات على الحد من الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد على المدى الطويل بغية تعزيز الطاقة الإنتاجية من خلال الاستثمار العام وتحسين الكفاءة بصفة عامة.
أحجام التجارة
من جهة أخرى، يتوقع أن تظهر أحجام تجارة السلع والخدمات اتجاهات مماثلة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع إجمالي حجم التجارة العالمية في عامي 2021 و2022، وقام برفع التوقعات بمقدار 30 نقطة أساس ليصل بذلك معدل النمو إلى 8.4% في عام 2021، فيما يعد أعلى معدل نمو منذ التعافي من الأزمة المالية العالمية، ثم تسجيل نمو بنسبة 6.5% في عام 2022 (مراجعته بمقدار 20 نقطة أساس)، إلا أن المراجعة جاءت بشكل أساسي على خلفية تحسن أحجام التبادل التجاري أكثر مما كان متوقعاً بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، وهو الأمر الذي قابله جزئياً تراجع وتيرة التبادل التجاري في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.