يشكل الصراع على المعابر والطرق الرئيسية في سوريا أحد أوجه الأزمة التي يعانيها البلد العربي الذي مزقته حرب أهلية مستمرة منذ ما يزيد على 10 سنوات.
وفي ظل أزمة اقتصادية كبيرة، حيث تعاني الدولة نقصاً كبيراً في الاحتياجات الغذائية الأساسية، وتصل الطوابير أمام محطات الوقود إلى كيلومترات، تسعى حكومة دمشق إلى السيطرة على الطرق والمعابر الرئيسية واستعادة زمام الأمور من يد بعض الفصائل المسلحة التي تسيطر على بعض هذه المناطق.
وذكر تقرير نشره موقع «المونيتور» أنه في إطار هذا التوجه، قصفت القوات السورية والروسية معاً خلال شهر مارس الماضي، مواقع حيوية تسيطر عليها تركيا والفصائل التي تدعمها في شمال سوريا، بما فيها مصافٍ بدائية للنفط، وأماكن انتظار شاحنات نقل النفط، في منطقتي جرابلس والباب، وموقف لانتظار شاحنات نقل السلع بمنطقة معبر باب الهوا الحدودي، وكذلك منطقة تجارية مشابهة ومصفاة للغاز في سرمدا شمالي سوريا.
تضييق الخناق على المعابر
في المقابل، أشار التقرير إلى محاولات تضييق الخناق على المعابر بين المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، وبين مناطق شرق نهر الفرات، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وهو ما يثير قلق الأكراد، حيث تعتبر قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة على مناطق الحسكة ودير الزور، أن مصافي النفط وتكرير البترول بها يمكن أن تكون مستهدفة أيضاً.
وذكر التقرير أن روسيا وتركيا لم تنجحا حتى الآن، في تحقيق تقدم في إعادة تشغيل الطريق السريع (M4) الموازي للحدود السورية – التركية، بينما تتفاوضان حول إعادة تشغيل 3 معابر بمنطقة خفض التصعيد في إدلب بشمال سوريا، للأغراض الإنسانية والتجارية، هي معبر مدينة سراقب شرقي حلب، على تقاطع الطريق السريع (M4) وطريق (M5) السريع، ومعبر ميزناز جنوبي غرب ريف حلب، ومعبر منطقة أبو الزندين جنوب الباب.
خلافات روسية- تركية
وأشار التقرير إلى أن نائب مدير مركز وزارة الدفاع الروسية للمصالحة في سوريا، ألكسندر كاربوف أعلن في 24 مارس الماضي، أنه تم التوصل لاتفاق حول المعابر الثلاثة، وهو ما نفاه المسؤولون الأتراك، وأعلن كاربوف لاحقاً في 30 مارس أن المعابر مغلقة حتى استقرار الأوضاع.
وحسب تقارير تركية، فإن روسيا تضغط على تركيا لإعادة تشغيل الممرات التجارية، كجزء من جهود موسكو لإخراج حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من الأزمة الاقتصادية.
ولفت التقرير إلى مخاوف دمشق من أن خصومها يرغبون في انهيارها اقتصادياً، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، والتي تضمنت التحركات لمنع إمدادات النفط إلى دمشق، وقرار تركيا بتداول الليرة التركية بمناطق سيطرتها بشمال سوريا، كما زاد من غضب حكومة دمشق، رفض قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة على مجموعة من مصافي النفط، إمداد النفط للمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق منذ يناير الماضي، ورداً على ذلك قررت الحكومة في 21 مارس الماضي تقييد حركة الانتقال للمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، وفقاً لما أعلنته مصادر كردية.
استمرار تدفق البضائع
ونقل التقرير عن صحفي في حلب، لم يذكر اسمه لأسباب أمنية، قوله «رغم الفشل في إعادة تشغيل الممرات، والتضييق على حركة الانتقالات، إلا أن تدفق البضائع يستمر، وهو أمر تريده الجماعات المسلحة وكذلك حكومة دمشق، فهناك ما يشبه «مناطق تجارية حرة» في سرمدا، التي تسيطر عليها جماعة هيئة تحرير الشام، قرب حدود إدلب مع تركيا، وهناك مساعٍ لتحويل منطقة جرابلس أيضاً لنفس الوضع، حتى تحقق الميليشيات المدعومة من تركيا مكاسب أكبر.
كما أن البضائع القادمة من لبنان أو عبر ميناء اللاذقية السوري تشق طريقها أيضاً إلى سرمدا، بينما تدخل العملات الصعبة من إدلب وجرابلس، حيث يتم الدفع بالدولار مقابل تلك البضائع القادمة من مناطق أخرى، وهو بالنهاية ما يفيد الحكومة السورية".
وأضاف "زاد تدفق البضائع التركية إلى سوريا، وهو ما يعود بالعملات الصعبة إلى أنقرة، كما تتدفق شاحنات النفط من مناطق سيطرة الأكراد إلى مصافي جرابلس والباب، في حين تتدفق البضائع من المراكز التجارية على طول الحدود الشمالية إلى مناطق الأكراد".