في الصميم
في العقود الثلاثة الماضية حرصت الإدارات المتعاقبة على اتحاد كرة القدم على توطين سلك التحكيم، ووصل إصرارها لدرجة أصبح فيها الحديث عن عودة الحكم الأجنبي أشبه بالمحظورات، ومع مرور الوقت تولدت القناعة لدى الشارع الرياضي واتحاد الكرة أن فكرة عودة الحكام الأجانب خط أحمر، ووجود حكام مواطنين على مستوى عالٍ في تلك الفترة ساهم في ترسيخ فكرة الاعتماد على الحكم المواطن، وقاد المونديالي علي بوجسيم حركة التغيير كونه أول إماراتي يتواجد في كأس العالم، وبتألقه في مونديال أمريكا 94 ثم فرنسا 98 وفي كوريا الجنوبية واليابان في 2002، وتبعه عيسى درويش في مونديال ألمانيا 2006 ثم محمد عبدالله 2018 في روسيا، ذلك التواجد المونديالي للتحكيم الإماراتي أسس قاعدة قوية لأصحاب الصافرة، الذين وجدوا أرضية صلبة للانطلاق منها نحو العالمية، ما ساهم في اتساع عدد الممارسين وأصبح لدينا قاعدة كبيرة ومعها أصبح للتحكيم الإماراتي موقع مميز قارياً ودولياً.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، في الفترة الماضية كان هناك اتجاه قوي نحو توطين الأجهزة الفنية لجميع منتخباتنا الوطنية، وتبنى تلك الخطوة محمد خلفان الرميثي وبعده يوسف السركال ونجحت بشكل كبير، وأصبحت جميع الاطقم الفنية لمنتخباتنا الوطنية تحت قيادة مدربين وطنين، المشروع نجح في البداية وحقق الكابتن مهدي ما لم ينجح في تحقيقه جميع المدربين الأجانب الذين توالوا على تدريب المنتخب، ولكن النجاح كان وقتيا ولم يدم طويلا لأسباب عديدة، وتم إحلال المدربين الأجانب مكان المواطنين الذين لم يعد لهم حضور يذكر في الاتحاد الحالي، ما يؤكد أن عملية التغير تفرضها عوامل كثيرة ولا يجب إخضاعها للعاطفة.
فلماذا تغيرت قواعد اللعبة إذن وما هي الأسباب التي دفعت بالاتحاد الحالي التفكير في الاستعانة بحكام أجانب لإدارة مباريات مسابقاتنا المحلية؟ أسباب اتخاذ قرار الاستعانة بالحكام الأجانب هي ذاتها التي كانت وراء إحلال المدربين المواطنين بالأجانب، قد تكون المسألة خاضعة لعملية تتابع الأجيال وعدم وجود حكام بنوعية بوجسيم وزملائه، أو أنها تعود لقناعات القائمين على اتحاد الكرة بضرورة التغير، وفي كلتا الحالتين يستوجب عليهم إثبات صحة موقفهم وقراراتهم.
كلمة أخيرة
النظرة تغيرت والفكر تغير فمن الطبيعي أن تتغير قواعد اللعبة، وإذا كنا بالفعل نبحث عن التميز والتطور فلا بد من مواكبة الجديد، ولكن بشرط أن نعرف متى وكيف نبدأ التغير.